الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } * { وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } * { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } * { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِي كَبَدٍ } * { أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } * { يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً } * { أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ } * { أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ } * { وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ } * { وَهَدَيْنَاهُ ٱلنَّجْدَينِ }

هذا قسم من الله تبارك وتعالى بمكة أم القرى، في حال كون الساكن فيها حالاً لينبه على عظمة قدرها في حال إحرام أهلها، قال خصيف عن مجاهد { لآ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } لا رد عليهم. أقسم بهذا البلد. وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس { لآ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } يعني مكة { وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } قال أنت يا محمد يحل لك أن تُقاتِلَ به، وكذا روي عن سعيد بن جبير وأبي صالح وعطية والضحاك وقتادة والسدي وابن زيد، وقال مجاهد ما أصبت فيه، فهو حلال لك، وقال قتادة { وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } قال أنت به من غير حرج ولا إثم، وقال الحسن البصري أحلها الله له ساعة من نهار، وهذا المعنى الذي قالوه ورد به الحديث المتفق على صحته " إن هذا البلد حرَّمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شجره، ولا يختلى خلاه، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، ألا فليبلغ الشاهد الغائب " وفي لفظ آخر " فإن أحد ترخص بقتال رسول الله، فقولوا إن الله أذن لرسوله، ولم يأذن لكم ". وقوله تعالى { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } قال ابن جرير حدثنا أبو كريب، حدثنا ابن عطية عن شريك عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } الوالد الذي يلد، وما ولد العاقر الذي لا يولد له، ورواه ابن أبي حاتم من حديث شريك، وهو ابن عبد الله القاضي به، وقال عكرمة الوالد العاقر، وما ولد الذي يلد. رواه ابن أبي حاتم. وقال مجاهد وأبو صالح وقتادة والضحاك وسفيان الثوري وسعيد بن جبير والسدي والحسن البصري وخصيف وشرحبيل بن سعد وغيرهم يعني بالوالد آدم، وما ولد ولده، وهذا الذي ذهب إليه مجاهد وأصحابه حسن قوي لأنه تعالى لما أقسم بأم القرى، وهي أم المساكن، أقسم بعده بالساكن، وهو آدم أبو البشر وولده، وقال أبو عمران الجوني هو إبراهيم وذريته، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم، واختار ابن جرير أنه عام في كل والد وولده، وهو محتمل أيضاً. وقوله تعالى { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ فِى كَبَدٍ } روي عن ابن مسعود وابن عباس وعكرمة ومجاهد وإبراهيم النخعي وخيثمة والضحاك وغيرهم يعني منتصباً، زاد ابن عباس في رواية عنه منتصباً في بطن أمه، والكبد الاستواء والاستقامة، ومعنى هذا القول لقد خلقناه سوياً مستقيماً كقوله تعالىيٰأَيُّهَا ٱلإِنسَـٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ ٱلَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِىۤ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ }

السابقالتالي
2 3