الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوۤاْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي ٱلْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ } * { فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }

يقول تعالى ذاماً للمنافقين المتخلفين عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وفرحوا بقعودهم بعد خروجه { وَكَرِهُوۤاْ أَن يُجَـٰهِدُواْ } معه { بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَالُواْ } أي بعضهم لبعض { لاَ تَنفِرُواْ فِى ٱلْحَرِّ } وذلك أن الخروج في غزوة تبوك كان في شدة الحر عند طيب الظلال والثمار، فلهذا قالوا { لاَ تَنفِرُواْ فِى ٱلْحَرِّ } قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم { قُلْ } لهم { نَارُ جَهَنَّمَ } التي تصيرون إليها بمخالفتكم { أَشَدُّ حَرًّا } مما فررتم منه من الحر، بل أشد حراً من النار كما قال الإمام مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " نار بني آدم التي توقدونها جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم " فقالوا يا رسول الله إن كانت لكافية؟ فقال " فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً " أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك به، وقال الإمام أحمد حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، وضربت في البحر مرتين، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد " وهذا أيضاً إسناده صحيح، وقد روى الإمام أبو عيسى الترمذي وابن ماجه عن عباس الدوري، وعن يحيى بن أبي بكير عن شريك عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أوقد الله على النار ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء كالليل المظلم " ثم قال الترمذي لا أعلم أحداً رفعه غير يحيى، كذا قال، وقد رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه، عن إبراهيم بن محمد عن محمد بن الحسين بن مكرم عن عبيد الله بن سعد عن عمه عن شريك، وهو ابن عبد الله النخعي، به. وروى أيضاً ابن مردويه، من رواية مبارك بن فضالة عن ثابت بن أنس قال تلا رسول الله صلى الله عليه وسلمنَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ } التحريم 6 قال " أوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، وألف عام حتى احمرت، وألف عام حتى اسودت، فهي سوداء كالليل، لا يضيء لهبها " وروى الحافظ أبو القاسم الطبراني من حديث تمام بن نجيج، وقد اختلف فيه، عن الحسن عن أنس رفعه " لو أن شرارة بالمشرق - أي من نار جهنم - لوجد حرها من بالمغرب "

السابقالتالي
2 3