الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } * { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } * { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } * { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } * { صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ }

يقول تعالى { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } أي طهر نفسه من الأخلاق الرذيلة، وتابع ما أنزل الله على الرسول صلوات الله وسلامه عليه، { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } أي أقام الصلاة في أوقاتها ابتغاء رضوان الله، وطاعة لأمر الله، وامتثالاً لشرع الله. وقد قال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا عباد بن أحمد العزرمي، حدثنا عمي محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } قال " من شهد أن لا إله إلا الله، وخلع الأنداد، وشهد أني رسول الله " { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } قال " هي الصلوات الخمس، والمحافظة عليها، والاهتمام بها " ثم قال لا يروى عن جابر إلا من هذا الوجه، وكذا قال ابن عباس إن المراد بذلك الصلوات الخمس، واختاره ابن جرير. وقال ابن جرير حدثني عمرو بن عبد الحميد الآملي، حدثنا مروان بن معاوية عن أبي خلدة قال دخلت على أبي العالية، فقال لي إذا غدوت غداً إلى العيد، فمر بي، قال فمررت به، فقال هل طعمت شيئاً؟ قلت نعم. قال أفضت على نفسك من الماء؟ قلت نعم. قال فأخبرني ما فعلت زكاتك! قلت قد وجهتها، قال إنما أردتك لهذا، ثم قرأ { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } وقال إن أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها، ومن سقاية الماء. قلت وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه كان يأمر الناس بإخراج صدقة الفطر، ويتلو هذه الآية { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ }. وقال أبو الأحوص إذا أتى أحدكم سائل، وهو يريد الصلاة، فليقدم بين يدي صلاته زكاة فإن الله تعالى يقول { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } وقال قتادة في هذه الآية { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ }. زكى ماله، وأرضى خالقه. ثم قال تعالى { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } أي تقدمونها على أمر الآخرة، وتبدونها على ما فيه نفعكم وصلاحكم في معاشكم ومعادكم، { وَٱلأَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } أي ثواب الله في الدار الآخرة خير من الدنيا وأبقى، فإن الدنيا دنية فانية، والآخرة شريفة باقية، فكيف يؤثر عاقل ما يفنى على ما يبقى، ويهتم بما يزول عنه قريباً، ويترك الاهتمام بدار البقاء والخلد؟ قال الإمام أحمد حدثنا حسين بن محمد، حدثنا ذويد عن أبي إسحاق عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2