الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } * { ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ } * { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } * { أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ } * { لِيَوْمٍ عَظِيمٍ } * { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قال النسائي وابن ماجه أخبرنا محمد بن عقيل، زاد ابن ماجه وعبد الرحمن بن بشر، قالا حدثنا علي بن الحسين بن واقد، حدثني أبي عن يزيد، وهو ابن أبي سعيد النحوي مولى قريش، عن عكرمة عن ابن عباس قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، كانوا من أخبث الناس كيلاً، فأنزل الله تعالى { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } فحسنوا الكيل بعد ذلك. وقال ابن أبي حاتم حدثنا جعفر بن النضر بن حماد، حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن هلال بن طلق قال بينما أنا أسير مع ابن عمر، فقلت من أحسن الناس هيئة، وأوفاهم كيلاً، أهل مكة وأهل المدينة، قال حق لهم، أما سمعت الله تعالى يقول { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ }؟ وقال ابن جرير حدثنا أبو السائب، حدثنا ابن فضيل عن ضرار عن عبد الله المكتب عن رجل عن عبد الله قال قال له رجل يا أبا عبد الرحمن إن أهل المدينة ليوفون الكيل، قال وما يمنعهم أن يوفوا الكيل، وقد قال الله تعالى { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } ــــ حتى بلغ ــــ { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } والمراد بالتطفيف ههنا البخس في المكيال والميزان، إما بالازدياد إن اقتضى من الناس، وإما بالنقصان إن قضاهم، ولهذا فسر تعالى المطففين الذين وعدهم بالخسار والهلاك، وهو الويل، بقوله تعالى { ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ } أي من الناس { يَسْتَوْفُونَ } أي يأخذون حقهم بالوافي والزائد { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } أي ينقصون، والأحسن أن يجعل كالوا ووزنوا متعدياً، ويكون هم في محل نصب، ومنهم من يجعلها ضميراً مؤكداً للمستتر في قوله كالوا ووزنوا، ويحذف المفعول لدلالة الكلام عليه، وكلاهما متقارب. وقد أمر الله تعالى بالوفاء في الكيل والميزان فقال تعالىوَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِٱلقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } الإسراء 35 وقال تعالىوَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } الأنعام 152 وقال تعالىوَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ } الرحمن 9 وأهلك الله قوم شعيب ودمرهم على ما كانوا يبخسون الناس في الميزان والمكيال، ثم قال تعالى متوعداً لهم { أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ }؟ أي ما يخاف أولئك من البعث والقيام بين يدي من يعلم السرائر والضمائر، في يوم عظيم الهول، كثير الفزع، جليل الخطب، من خسر فيه أدخل ناراً حامية؟ وقوله تعالى { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي يقومون حفاة عراة غرلاً، في موقف صعب حرج ضيق، ضنك على المجرم، ويغشاهم من أمر الله تعالى ما تعجز القوى والحواس عنه. قال الإمام مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

السابقالتالي
2 3