الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } * { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } * { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } * { كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ } * { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ } * { كِرَاماً كَاتِبِينَ } * { يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ }

يقول تعالى { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } أي انشقت كما قال تعالىالسَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ } المزمل 18 { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } أي تساقطت، { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس فجر الله بعضها في بعض. وقال الحسن فجر الله بعضها في بعض، فذهب ماؤها، وقال قتادة اختلط عذبها بمالحها. وقال الكلبي ملئت، { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } قال ابن عباس بحثت، وقال السدي تبعثر تحرك، فيخرج من فيها { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } أي إذا كان هذا حصل هذا. وقوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَـٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ }؟ هذا تهديد، لا كما يتوهمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب، حيث قال الكريم، حتى يقول قائلهم غره كرمه، بل المعنى في هذه الآية ما غرك يابن آدم بربك الكريم أي العظيم حتى أقدمت على معصيته، وقابلته بما لا يليق؟ كما جاء في الحديث " يقول الله تعالى يوم القيامة يابن آدم ما غرك بي؟ يابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟ ". قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان أن عمر سمع رجلاً يقرأ { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَـٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ }؟ فقال عمر الجهل. وقال أيضاً حدثنا عمر بن شبَّة، حدثنا أبو خلف، حدثنا يحيى البكاء، سمعت ابن عمر يقول، وقرأ هذه الآية { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَـٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } قال ابن عمر غره والله جهله، قال وروي عن ابن عباس والربيع بن خُثيم والحسن مثل ذلك. وقال قتادة { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } شيء، ما غر ابن آدم غير هذا العدو الشيطان. وقال الفضيل بن عياض لو قال لي ما غرك بي؟ لقلت ستورك المرخاة. وقال أبو بكر الوراق لو قال لي ما غرك بربك الكريم؟ لقلت غرني كرم الكريم. قال البغوي وقال بعض أهل الإشارة إنما قال بربك الكريم، دون سائر أسمائه وصفاته كأنه لقنه الإجابة، وهذا الذي تخيله هذا القائل ليس بطائل لأنه إنما أتى باسمه الكريم لينبه على أنه لا ينبغي أن يقابل الكريم بالأفعال القبيحة وأعمال الفجور، وقد حكى البغوي عن الكلبي ومقاتل أنهما قالا نزلت هذه الآية في الأخنس بن شريق، ضرب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يعاقب في الحالة الراهنة، فأنزل الله تعالى { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ }؟. وقوله تعالى { ٱلَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } أي ما غرك بالرب الكريم { ٱلَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ }؟ أي جعلك سوياً مستقيماً، معتدل القامة منتصبها، في أحسن الهيئات والأشكال. قال الإمام أحمد حدثنا أبو النضر، حدثنا حريز، حدثني عبد الرحمن بن ميسرة عن جبير بن نفير، عن بسر بن جحاش القرشي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق يوماً في كفه، فوضع عليها أصبعه، ثم قال

السابقالتالي
2 3