الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ } * { مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ } * { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } * { ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ } * { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } * { ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ } * { كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } * { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ } * { أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً } * { ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً } * { فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً } * { وَعِنَباً وَقَضْباً } * { وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً } * { وَحَدَآئِقَ غُلْباً } * { وَفَاكِهَةً وَأَبّاً } * { مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ }

يقول تعالى ذاماً لمن أنكر البعث والنشور من بني آدم { قُتِلَ ٱلإِنسَـٰنُ مَآ أَكْفَرَهُ } قال الضحاك عن ابن عباس { قُتِلَ ٱلإِنسَـٰنُ } لعن الإنسان، وكذا قال أبو مالك. وهذا لجنس الإنسان المكذب لكثرة تكذيبه بلا مستند، بل بمجرد الاستبعاد وعدم العلم، قال ابن جريج { مَآ أَكْفَرَهُ } أي ما أشد كفره وقال ابن جرير ويحتمل أن يكون المراد أي شيء جعله كافراً؟ أي ما حمله على التكذيب بالمعاد؟ وقد حكاه البغوي عن مقاتل والكلبي. وقال قتادة { مَآ أَكْفَرَهُ } ما ألعنه ثم بين تعالى له كيف خلقه من الشيء الحقير، وأنه قادر على إعادته كما بدأه، فقال تعالى { مِنْ أَىِّ شَىْءٍ خَلَقَهُ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } أي قدر أجله ورزقه وعمله، وشقي أو سعيد، { ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ } قال العوفي عن ابن عباس ثم يسر عليه خروجه من بطن أمه، وكذا قال عكرمة والضحاك وأبو صالح وقتادة والسدي، واختاره ابن جرير. وقال مجاهد هذه كقوله تعالىإِنَّا هَدَيْنَـٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } الإنسان 3 أي بيناه له، وأوضحناه، وسهلنا عليه عمله، وكذا قال الحسن وابن زيد، وهذا هو الأرجح، والله أعلم. وقوله تعالى { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } أي إنه بعد خلقه له أماته فأقبره، أي جعله ذا قبر، والعرب تقول قبرت الرجل، إذا ولى ذلك منه، وأقبره الله، وعضبت قرن الثور، وأعضبه الله، وبترت ذنب البعير، وأبتره الله، وطردت عني فلاناً، وأطرده الله، أي جعله طريداً، قال الأعشى
لَوْ أَسْنَدَتْ مَيْتاً إلى صَدْرِها عاشَ ولَمْ يُنْقَلْ إلى قابِرِ   
وقوله تعالى { ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ } أي بعثه بعد موته، ومنه يقال البعث والنشوروَمِنْ ءَايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } الروم 20،وَٱنظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا } البقرة 259 وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا أصبغ بن الفرج، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجاً أبا السمح أخبره عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه " قيل وما هو يا رسول الله؟ قال " مثل حبة خردل، منه تنشؤون " وهذا الحديث ثابت في الصحيحين من رواية الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بدون هذه الزيادة، ولفظه " كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب، منه خلق، وفيه يركب ". وقوله تعالى { كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } قال ابن جرير يقول جل ثناؤه كلا، ليس الأمر كما يقول هذا الإنسان الكافر من أنه قد أدى حق الله عليه في نفسه وماله { لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } يقول لم يؤدِّ ما فرض عليه من الفرائض لربه عز وجل.

السابقالتالي
2 3