الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ } * { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } * { أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } * { أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ } * { فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ } * { وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ } * { وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ } * { وَهُوَ يَخْشَىٰ } * { فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ } * { كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ } * { فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } * { فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ } * { مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ } * { بِأَيْدِي سَفَرَةٍ } * { كِرَامٍ بَرَرَةٍ }

ذكر غير واحد من المفسرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوماً يخاطب بعض عظماء قريش، وقد طمع في إسلامه، فبينما هو يخاطبه ويناجيه، إذ أقبل ابن أم مكتوم، وكان ممن أسلم قديماً، فجعل يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء ويلح عليه، وود النبي صلى الله عليه وسلم أن لوكف ساعته تلك ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل طمعاً ورغبة في هدايته، وعبس في وجه ابن أم مكتوم، وأعرض عنه، وأقبل على الآخر، فأنزل الله تعالى { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } أي يحصل له زكاة وطهارة في نفسه { أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } أي يحصل له اتعاظ وانزجار عن المحارم { أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ } أي أما الغني، فأنت تتعرض له لعله يهتدي { وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ } أي ما أنت بمطالب به إذا لم يحصل له زكاة { وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ وَهُوَ يَخْشَىٰ } أي يقصدك ويؤمك ليهتدي بما تقول له { فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ } أي تتشاغل، ومن ههنا أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن لا يخص بالإنذار أحداً، بل يساوي فيه بين الشريف والضعيف، والفقير والغني، والسادة والعبيد، والرجال والنساء، والصغار والكبار، ثم الله تعالى يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة. قال الحافظ أيو يعلى في مسنده حدثنا محمد بن مهدي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس رضي الله عنه في قوله تعالى { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } جاء ابن أم مكتوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يكلم أبي بن خلف، فأعرض عنه، فأنزل الله عز وجل { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ } فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه. قال قتادة أخبرني أنس بن مالك قال رأيته يوم القادسية وعليه درع، ومعه راية سوداء، يعني ابن أم مكتوم. وقال أبو يعلى وابن جرير حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، حدثني أبي قال هذا ما عرضنا على هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت أنزلت { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول أرشدني، قالت وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين، قالت فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه، ويقبل على الآخر، ويقول " أترى بما أقول بأساً؟ " فيقول لا! ففي هذا أنزلت { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ }. وقد روى الترمذي هذا الحديث عن سعيد بن يحيى الأموي بإسناده مثله، ثم قال وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة عن أبيه قال أنزلت عبس وتولى في ابن أم مكتوم، ولم يذكر فيه عن عائشة.

السابقالتالي
2 3