الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قال الإمام أحمد حدثنا علي بن هاشم، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه، قال استشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس في الأسارى يوم بدر، فقال " إن الله قد أمكنكم منهم " فقام عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله اضرب أعناقهم، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا أيها الناس إن الله قد أمكنكم منهم، وإنما هم إخوانكم بالأمس " فقام عمر فقال يا رسول الله اضرب أعناقهم، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم فقال للناس مثل ذلك، فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقال يا رسول الله نرى أن تعفو عنهم، وأن تقبل منهم الفداء، قال فذهب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان فيه من الغم، فعفا عنهم، وقبل منهم الفداء، قال وأنزل الله عز وجل { لَّوْلاَ كِتَـٰبٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } وقد سبق في أول السورة حديث ابن عباس في صحيح مسلم بنحو ذلك، وقال الأعمش عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال لما كان يوم بدر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما تقولون في هؤلاء الأسارى؟ " فقال أبو بكر يا رسول الله قومك وأهلك، استبقهم، واستتبهم، لعل الله أن يتوب عليهم، وقال عمر «يا رسول الله كذبوك وأخرجوك، فقدمهم فاضرب أعناقهم، وقال عبد الله بن رواحة يا رسول الله أنت في واد كثير الحطب، أضرم الوادي عليهم ناراً، ثم ألقهم فيه، قال فقال العباس قطعت رحمك قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليهم شيئاً، ثم قام فدخل، فقال ناس يأخذ بقول أبي بكر، وقال ناس يأخذ بقول عمر، وقال ناس يأخذ بقول عبد الله بن رواحة، ثم خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " إن الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم عليه السلام، قال { فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى عليه السلام، قال { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } وإن مثلك يا عمر، كمثل موسى عليه السلام، قال { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَٰلِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } وإن مثلك يا عمر، كمثل نوح عليه السلام، قال { رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ دَيَّاراً } أنتم عالة، فلا ينفلتن أحد منهم إلا بفداء، أو ضربة عنق "

السابقالتالي
2 3