الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ } * { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله فَإِنِ انْتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { وَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ }

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ } أي عما هم فيه من الكفر والمشاقة والعناد، ويدخلوا في الإسلام والطاعة والإنابة، يغفر لهم ما قد سلف، أي من كفرهم، وذنوبهم وخطاياهم كما جاء في الصحيح من حديث أبي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام، أخذ بالأول والآخر " وفي الصحيح أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما كان قبلها " وقوله { وَإِن يَعُودُواْ } أي يستمروا على ما هم فيه { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينِ } أي فقد مضت سنتنا في الأولين أنهم إذا كذبوا واستمروا على عنادهم، أنا نعاجلهم بالعذاب والعقوبة. قال مجاهد في قوله { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينِ } أي في قريش يوم بدر، وغيرها من الأمم، وقال السدي ومحمد بن إسحاق أي يوم بدر. وقوله تعالى { وَقَـٰتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ } قال البخاري حدثنا الحسن بن عبد العزيز، حدثنا عبد الله بن يحيى، حدثنا حيوة بن شريح عن بكر بن عمر عن بكير عن نافع عن ابن عمر أن رجلاً جاء فقال يا أبا عبد الرحمن ألا تصنع ما ذكر الله في كتابهوَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ } الحجرات 9 الآية، فما يمنعك أن لا تقاتل كما ذكر الله في كتابه؟ فقال يا بن أخي أعير بهذه الآية، ولا أقاتل، أحب إلي من أن أعير بالآية التي يقول الله عز وجلوَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً } النساء 93 إلى آخر الآية قال فإن الله تعالى يقول { وَقَـٰتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ } قال ابن عمر قد فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان الإسلام قليلاً، وكان الرجل يفتن في دينه، إما أن يقتلوه، وإما أن يوثقوه، حتى كثر الإسلام، فلم تكن فتنة، فلما رأى أنه لا يوافقه فيما يريد، قال فما قولكم في علي وعثمان؟ قال ابن عمر أما قولي في علي وعثمان، أما عثمان، فكان الله قد عفا عنه، وكرهتم أن يعفو الله عنه، وأما علي، فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه، وأشار بيده وهذه ابنته أو بنته حيث ترون، وحدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا بيان أن ابن وبرة حدثه قال حدثني سعيد بن جبير قال خرج علينا أو إلينا ابن عمر رضي الله عنهما، فقال كيف ترى في قتال الفتنة؟ فقال وهل تدري ما الفتنة؟ كان محمد صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين، وكان الدخول عليهم فتنة، وليس بقتالكم على الملك.

السابقالتالي
2 3