الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ } * { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } * { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } * { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ }

يأمر تعالى عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله، ويزجرهم عن مخالفته والتشبه بالكافرين به المعاندين له، ولهذا قال { وَلاَ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ } أي تتركوا طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره { وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ } أي بعد ما علمتم ما دعاكم إليه { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } قيل المراد المشركون، واختاره ابن جرير، وقال ابن إسحاق هم المنافقون فإنهم يظهرون أنهم قد سمعوا واستجابوا، وليسوا كذلك، ثم أخبر تعالى أن هذا الضرب من بني آدم شر الخلق والخليقة، فقال { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ } أي عن سماع الحق { ٱلْبُكْمُ } عن فهمه، ولهذا قال { ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } فهؤلاء شر البرية لأن كل دابة مما سواهم مطيعة لله فيما خلقها له، وهؤلاء خلقوا للعبادة فكفروا، ولهذا شبههم بالأنعام في قولهوَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً } البقرة 171 الآية، وقال في الآية الأخرىأُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَـٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَـٰفِلُونَ } الأعراف 179 وقيل المراد بهؤلاء المذكورين نفر من بني عبد الدار من قريش، روي عن ابن عباس ومجاهد، واختاره ابن جرير. وقال محمد بن إسحاق هم المنافقون، قلت ولا منافاة بين المشركين والمنافقين في هذا لأن كلاً منهم مسلوب الفهم الصحيح والقصد إلى العمل الصالح، ثم أخبر تعالى بأنهم لا فهم لهم صحيح، ولا قصد لهم صحيح، لو فرض أن لهم فهماً، فقال { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ } أي لأفهمهم، وتقدير الكلام ولكن لا خير فيهم، فلم يفهمهم لأنه يعلم أنه { وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ } أي أفهمهم { لَتَوَلَّواْ } عن ذلك قصداً وعناداً بعد فهمهم ذلك { وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ } عنه.