الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

قال البخاري قال ابن عباس الأنفال المغانم، حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا سعيد بن سليمان، أخبرنا هشيم أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس رضي الله عنهما سورة الأنفال؟ قال نزلت في بدر. أما ما علقه عن ابن عباس، فكذلك رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال الأنفال الغنائم، كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة ليس لأحد منها شيء، وكذا قال مجاهد وعكرمة وعطاء والضحاك وقتادة وعطاء الخراساني ومقاتل بن حيان وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغير واحد أنها المغانم، وقال الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال الأنفال الغنائم، قال فيها لبيد
إِنَّ تَقْوى رَبِّنا خَيْرُ نَفَلْ وبإذنِ اللّهِ رَيْثي وعَجَلْ   
وقال ابن جرير حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني مالك بن أنس عن ابن شهاب عن القاسم بن محمد قال سمعت رجلاً يسأل ابن عباس عن الأنفال، فقال ابن عباس رضي الله عنهما الفرس من النفل، والسلب من النفل. ثم عاد لمسألته، فقال ابن عباس ذلك أيضاً، ثم قال الرجل الأنفال التي قال الله في كتابه ما هي؟ قال القاسم فلم يزل يسأله حتى كاد يحرجه، فقال ابن عباس أتدرون ما مثل هذا؟ مثل صبيغ الذي ضربه عمر بن الخطاب. وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن القاسم بن محمد قال قال ابن عباس كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا سئل عن شيء، قال لا آمرك ولا أنهاك. ثم قال ابن عباس والله ما بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلا زاجراً آمراً، محلاً محرماً. قال القاسم فسلط على ابن عباس رجل، فسأله عن الأنفال، فقال ابن عباس كان الرجل ينفل فرس الرجل وسلاحه، فأعاد عليه الرجل، فقال له مثل ذلك، ثم عاد عليه حتى أغضبه، فقال ابن عباس أتدرون ما مثل هذا؟ مثل صبيغ الذي ضربه عمر بن الخطاب حتى سالت الدماء على عقبيه أو على رجليه، فقال الرجل أما أنت فقد انتقم الله لعمر منك. وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس، أنه فسر النفل بما ينفله الإمام لبعض الأشخاص من سلب أو نحوه بعد قسم أصل المغنم، وهو المتبادر إلى فهم كثير من الفقهاء من لفظ النفل، والله أعلم. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد إنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمس بعد الأربعة من الأخماس، فنزلت { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنفَالِ } وقال ابن مسعود ومسروق لا نفل يوم الزحف، إنما النفل قبل التقاء الصفوف، رواه ابن أبي حاتم عنهما، وقال ابن المبارك وغير واحد عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح في الآية { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنفَالِ } قال يسألونك فيما شذ من المشركين إلى المسلمين في غير قتال من دابة أو عبد أو أمة أو متاع، فهو نفل للنبي صلى الله عليه وسلم يصنع به ما يشاء، وهذا يقتضي أنه فسر الأنفال بالفيء، وهو ما أخذ من الكفار من غير قتال.

السابقالتالي
2 3 4 5 6