الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً } * { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } * { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً } * { إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً }

يخبر تعالى عن عظمته وجلاله، وأنه رب السموات والأرض وما فيهما وما بينهما، وأنه الرحمن الذي شملت رحمته كل شيء، وقوله تعالى { لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً } أي لا يقدر أحد على ابتداء مخاطبته إلا بإذنه كقوله تعالىمَن ذَا ٱلَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } البقرة 255 وكقوله تعالى { يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } وقوله تعالى { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ } اختلف المفسرون في المراد بالروح ههنا ما هو؟ على أقوال أحدها ما رواه العوفي عن ابن عباس أنهم أرواح بني آدم. الثاني هم بنو آدم، قاله الحسن وقتادة. وقال قتادة هذا مما كان ابن عباس يكتمه. الثالث أنهم خلق من خلق الله على صور بني آدم، وليسوا بملائكة ولا ببشر، وهم يأكلون ويشربون، قاله ابن عباس ومجاهد وأبو صالح والأعمش. الرابع هو جبريل، قاله الشعبي وسعيد بن جبير والضحاك، ويستشهد لهذا القول بقوله عز وجلنَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ } الشعراء 193 ــــ 194 وقال مقاتل بن حيان الروح هو أشرف الملائكة، وأقرب إلى الرب عز وجل، وصاحب الوحي. الخامس أنه القرآن، قاله ابن زيد كقولهوَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } الآية الشورى 52. والسادس أنه ملك من الملائكة بقدر جميع المخلوقات، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ } قال هو ملك عظيم من أعظم الملائكة خلقاً. وقال ابن جرير حدثني محمد بن خلف العسقلاني، حدثنا رواد بن الجراح عن أبي حمزة عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود قال الروح في السماء الرابعة هو أعظم من السموات ومن الجبال ومن الملائكة، يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة، يخلق الله تعالى من كل تسبيحة ملكاً من الملائكة يجيء يوم القيامة صفاً وحده. وهذا قول غريب جداً. وقد قال الطبراني حدثنا محمد بن عبد الله بن عرس المصري، حدثنا وهب الله بن رزق أبو هريرة، حدثنا بشر بن بكر، حدثنا الأوزاعي، حدثني عطاء عن عبد الله بن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن لله ملكاً لو قيل له التقم السموات السبع والأرضين بلقمة واحدة، لفعل. تسبيحه سبحانك حيث كنت " وهذا حديث غريب جداً، وفي رفعه نظر، وقد يكون موقوفاً على ابن عباس، ويكون مما تلقاه من الإسرائيليات، والله أعلم. وتوقف ابن جرير فلم يقطع بواحد من هذه الأقوال كلها، والأشبه عندي ــــ والله أعلم ــــ أنهم بنو آدم. وقوله تعالى { إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ } كقولهيَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } هود 105 وكما ثبت في الصحيح

السابقالتالي
2