الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً } * { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } * { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً } * { وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً } * { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } * { لِّلطَّاغِينَ مَآباً } * { لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً } * { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً } * { إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } * { جَزَآءً وِفَاقاً } * { إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً } * { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً } * { وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً } * { فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً }

يقول تعالى مخبراً عن يوم الفصل، وهو يوم القيامة أنه مؤقت بأجل معدود، لا يزاد عليه ولا ينقص منه، ولا يعلم وقته على التعيين إلا الله عز وجل كما قال تعالىوَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لاَِجَلٍ مَّعْدُودٍ } هود 104 { يَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } قال مجاهد زمراً زمراً، قال ابن جرير يعني تأتي كل أمة مع رسولها، وكقوله تعالىيَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَـٰمِهِمْ } الإسراء 71 وقال البخاري { يَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } حدثنا محمد، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما بين النفختين أربعون " قالوا أربعون يوماً؟ قال " أبيت " قالوا أربعون شهراً؟ قال " أبيت " قالوا أربعون سنة؟ قال " أبيت " قال " ثم ينزل الله من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل، ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً، وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة ". { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَٰباً } أي طرقاً ومسالك لنزول الملائكة { وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً } كقوله تعالىوَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ } النمل 88 وكقوله تعالىوَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ } القارعة 5 وقال هٰهنا { فَكَانَتْ سَرَاباً } أي يخيل إلى الناظر أنها شيء، وليست بشيء، وبعد هذا تذهب بالكلية، فلا عين ولا أثر، كما قال تعالىوَيَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّى نَسْفاً فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } طه 105 ــــ 107، وقال تعالىوَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً } الكهف 47 وقوله تعالى { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } أي مرصدة معدة { لِلطَّـٰغِينَ } وهم المردة العصاة المخالفون للرسل { مَـئَاباً } أي مرجعاً ومنقلباً، ومصيراً ونزلاً. وقال الحسن وقتادة في قوله تعالى { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } يعني أنه لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز بالنار، فإن كان معه جواز نجا، وإلا احتبس، وقال سفيان الثوري عليها ثلاث قناطر. وقوله تعالى { لَّـٰبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً } أي ماكثين فيها أحقاباً، وهي جمع حقب، وهو المدة من الزمان، وقد اختلفوا في مقداره، فقال ابن جرير عن ابن حميد عن مهران عن سفيان الثوري عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد قال قال علي ابن أبي طالب لهلال الهجري ما تجدون الحقب في كتاب الله المنزل؟ قال نجده ثمانين سنة، كل سنة اثنا عشر شهراً، كل شهر ثلاثون يوماً، كل يوم ألف سنة، وهكذا روي عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وابن عباس وسعيد بن جبير وعمرو بن ميمون والحسن وقتادة والربيع بن أنس والضحاك، وعن الحسن والسدي أيضاً سبعون سنة كذلك، وعن عبد الله بن عمرو الحقب أربعون سنة، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون،رواهما ابن أبي حاتم.

السابقالتالي
2 3