الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ } * { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلآخِرِينَ } * { كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } * { فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } * { إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ } * { فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ ٱلْقَادِرُونَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً } * { أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً } * { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }

يقول تعالى { أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ }؟ يعني من المكذبين للرسل، المخالفين لما جاؤوهم به { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلأَخِرِينَ } أي ممن أشبههم، ولهذا قال تعالى { كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } قاله ابن جرير. ثم قال تعالى ممتناً على خلقه، ومحتجاً على الإعادة بالبداءة { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } أي ضعيف حقير بالنسبة إلى قدرة الباري عز وجل كما تقدم في سورة يس في حديث بسر بن جحاش " ابن آدم أنى تعجزني، وقد خلقتك من مثل هذه؟ " { فَجَعَلْنَـٰهُ فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ } يعني جمعناه في الرحم، وهو قرار الماء، من الرجل والمرأة، والرحم معد لذلك، حافظ لما أودع فيه من الماء. وقوله تعالى { إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ } يعني إلى مدة معينة من ستة أشهر، أو تسعة أشهر، ولهذا قال تعالى { فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ ٱلْقَـٰدِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } ثم قال تعالى { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً } قال ابن عباس كفاتاً كِنّاً. وقال مجاهد يكفت الميت، فلا يرى منه شيء. وقال الشعبي بطنها لأمواتكم، وظهرها لأحيائكم، وكذا قال مجاهد وقتادة. { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ شَـٰمِخَـٰتٍ } يعني الجبال، أرسى بها الأرض لئلا تميد وتضطرب { وَأَسْقَيْنَـٰكُم مَّآءً فُرَاتاً } أي عذباً زلالاً من السحاب، أو مما أنبعه من عيون الأرض { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها، ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.