الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } * { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } * { بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ } * { بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } * { يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ } * { فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } * { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } * { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } * { يَقُولُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ } * { كَلاَّ لاَ وَزَرَ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } * { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } * { بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } * { وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ }

قد تقدم غير مرة أن المقسم عليه إذا كان منتفياً، جاز الإتيان بلا قبل القسم لتأكيد النفي. والمقسم عليه ههنا هو إثبات المعاد، والرد على ما يزعمه الجهلة من العباد من عدم بعث الأجساد، ولهذا قال تعالى { لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } قال الحسن أقسم بيوم القيامة، ولم يقسم بالنفس اللوامة، وقال قتادة بل أقسم بهما جميعاً، هكذا حكاه ابن أبي حاتم وقد حكى ابن جرير عن الحسن والأعرج أنهما قرءا { لأُقْسمُ بيومِ القيامةِ } وهذا يوجه قول الحسن لأنه أثبت القسم بيوم القيامة، ونفى القسم بالنفس اللوامة، والصحيح أنه أقسم بهما جميعاً كما قاله قتادة رحمه الله، وهو المروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير، واختاره ابن جرير، فأما يوم القيامة فمعروف، وأما النفس اللوامة فقال قرة بن خالد عن الحسن البصري في هذه الآية إن المؤمن والله ما نراه إلا يلوم نفسه ما أردت بكلمتي، ما أردت بأكلتي، ما أردت بحديث نفسي؟ وإن الفاجر يمضي قدماً ما يعاتب نفسه. وقال جويبر بلغنا عن الحسن أنه قال في قوله { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } قال ليس أحد من أهل السموات والأرضين إلا يلوم نفسه يوم القيامة. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن صالح بن مسلم عن إسرائيل عن سماك أنه سأل عكرمة عن قوله { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } قال يلوم على الخير والشر لو فعلت كذا وكذا، ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن وكيع عن إسرائيل به، وقال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار، حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن سعيد بن جبير في قوله { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } قال تلوم على الخير والشر، ثم رواه من وجه آخر عن سعيد أنه سأل ابن عباس عن ذلك، فقال هي النفس اللؤوم، وقال علي بن أبي نجيح عن مجاهد تندم على ما فات، وتلوم عليه، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس اللوامة المذمومة، وقال قتادة { ٱللَّوَّامَةِ } الفاجرة. وقال ابن جرير وكل هذه الأقوال متقاربة بالمعنى، والأشبه بظاهر التنزيل أنها التي تلوم صاحبها على الخير والشر، وتندم على ما فات. وقوله تعالى { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ }؟ أي يوم القيامة، أيظن أنا لا نقدر على إعادة عظامه وجمعها من أماكنها المتفرقة؟ { بَلَىٰ قَـٰدِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّىَ بَنَانَهُ } وقال سعيد بن جبير والعوفي عن ابن عباس أن نجعله خفاً أو حافراً، وكذا قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك وابن جرير، ووجهه ابن جرير بأنه تعالى لو شاء لجعل ذلك في الدنيا، والظاهر من الآية أن قوله تعالى { قَـٰدِرِينَ } حال من قوله تعالى { نَّجْمَعَ } أي أيظن الإنسان أنا لا نجمع عظامه؟ بل سنجمعها قادرين على أن نسوي بنانه، أي قدرتنا صالحة لجمعها، ولو شئنا بعثناه أزيد مما كان، فنجعل بنانه، وهي أطراف أصابعه، مستوية، وهذا معنى قول ابن قتيبة والزجاج.

السابقالتالي
2 3