الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } * { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } * { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ } * { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } * { كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ } * { وَتَذَرُونَ ٱلآخِرَةَ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ } * { إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } * { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ } * { تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } * { كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ } * { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } * { وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } * { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } * { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ } * { وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } * { أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } * { ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } * { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ } * { ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ } * { فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ }

هذا تعليم من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في كيفية تلقيه الوحي من الملك، فإنه كان يبادر إلى أخذه، ويسابق الملك في قراءته، فأمره الله عز وجل إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له، وتكفل الله له أن يجمعه في صدره، وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه، وأن يبينه له، ويفسره ويوضحه. فالحالة الأولى جمعه في صدره، والثانية تلاوته، والثالثة تفسيره وإيضاح معناه. ولهذا قال تعالى { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } أي بالقرآن كما قال تعالىوَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ إَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِى عِلْماً } طه 114 ثم قال تعالى { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ } أي في صدرك { وَقُرْءَانَهُ } أي أن تقرأه { فَإِذَا قَرَأْنَـٰهُ } أي إذا تلاه عليك الملك عن الله تعالى { فَٱتَّبِعْ قُرْءَانَهُ } أي فاستمع له، ثم اقرأه كما أقرأك، { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } أي بعد حفظه وتلاوته نبينه لك، ونوضحه، ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا. قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرحمن عن أبي عوانة عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، فكان يحرك شفتيه قال فقال لي ابن عباس أنا أحرك شفتي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه، وقال لي سعيد وأنا أحرك شفتي كما رأيت ابن عباس يحرك شفتيه، فأنزل الله عز وجل { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ } قال جمعه في صدرك، ثم تقرؤه { فَإِذَا قَرَأْنَـٰهُ فَٱتَّبِعْ قُرْءَانَهُ } أي فاستمع له وأنصت، { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } فكان بعد ذلك إذا انطلق جبريل، قرأه كما أقرأه. وقد رواه البخاري ومسلم من غير وجه عن موسى بن أبي عائشة به. ولفظ البخاري فكان إذا أتاه جبريل، أطرق، فإذا ذهب، قرأه كما وعده الله عز وجل. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو يحيى التيمي، حدثنا موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي، يلقى منه شدة، وكان إذا نزل عليه، عرف في تحريكه شفتيه، يتلقى أوله، ويحرك به شفتيه، خشية أن ينسى أوله قبل أن يفرغ من آخره، فأنزل الله تعالى { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } وهكذا قال الشعبي والحسن البصري وقتادة ومجاهد والضحاك وغير واحد إن هذه الآية نزلت في ذلك. وقد روى ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } قال كان لا يفتر من القراءة مخافة أن ينساه، فقال الله تعالى { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } أن نجمعه لك، { وَقُرْءَانَهُ } أن نقرئك فلا تنسى، وقال ابن عباس وعطية العوفي { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } تبيين حلاله وحرامه، وكذا قال قتادة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6