الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } * { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً } * { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } * { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } * { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً } * { إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً } * { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً } * { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً }

يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يترك التزمل، وهو التغطي في الليل، وينهض إلى القيام لربه عز وجل كما قال تعالىتَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } السجدة 16 وكذلك كان صلى الله عليه وسلم ممتثلاً ما أمره الله تعالى به من قيام الليل، وقد كان واجباً عليه وحده كما قال تعالىوَمِنَ ٱلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُودًا } الإسراء 79 وههنا بيّن له مقدار ما يقوم فقال تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ قُمِ ٱلَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً } قال ابن عباس والضحاك والسدي { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } يعني يا أيها النائم. وقال قتادة المزمل في ثيابه. وقال إبراهيم النخعي نزلت وهو متزمل بقطيفة، وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } قال يا محمد زملت القرآن. وقوله تعالى { نِّصْفَهُ } بدل من الليل { أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ } أي أمرناك أن تقوم نصف الليل بزيادة قليلة أو نقصان قليل، لا حرج عليك في ذلك. وقوله تعالى { وَرَتِّلِ ٱلْقُرْءَانَ تَرْتِيلاً } أي اقرأه على تمهل، فإنه يكون عوناً على فهم القرآن وتدبره. وكذلك كان يقرأ صلوات الله وسلامه عليه، قالت عائشة رضي الله عنها كان يقرأ السورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها. وفي صحيح البخاري عن أنس أنه سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كانت مداً، ثم قرأ { بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } يمد بسم الله، ويمد الرحمن، ويمد الرحيم. وقال ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان يقطع قراءته آية آيةبِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } الفاتحة 1 ــــ 4 رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن عاصم عن ذر عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يقال لقارىء القرآن اقرأ وارقَ ورتِّلْ كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها " ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث سفيان الثوري به، وقال الترمذي حسن صحيح. وقد قدمنا في أول التفسير الأحاديث الدالة على استحباب الترتيل وتحسين الصوت بالقراءة كما جاء في الحديث " زينوا القرآن بأصواتكم " و " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " و " لقد أوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود " يعني أبا موسى، فقال أبو موسى لو كنت أعلم أنك كنت تسمع قراءتي، لحبرته لك تحبيراً.

السابقالتالي
2 3 4 5 6