الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَٰتِنَا يَجْحَدُونَ }

يخبر تعالى عن ذلة أهل النار، وسؤالهم أهل الجنة من شرابهم وطعامهم، وأنهم لا يجابون إلى ذلك. قال السدي { وَنَادَىٰ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ } يعني الطعام. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يستطعمونهم، ويستسقونهم، وقال الثوري عن عثمان الثقفي عن سعيد بن جبير في هذه الآية قال ينادي الرجل أباه أو أخاه، فيقول له قد احترقت، فأفض علي من الماء، فيقال لهم أجيبوهم، فيقولون { إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } وروي من وجه آخر عن سعيد عن ابن عباس مثله سواء. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم { إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } يعني طعام الجنة وشرابها. قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا نصر بن علي، أخبرنا موسى بن المغيرة، حدثنا أبو موسى الصفار في دار عمرو بن مسلم قال سألت ابن عباس، أو سئل أي الصدقة أفضل؟ فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أفضل الصدقة الماء، ألم تسمع إلى أهل النار لما استغاثوا بأهل الجنة قالوا أفيضوا علينا من الماء، أو مما رزقكم الله " وقال أيضاً حدثنا أحمد بن سنان حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي صالح قال لما مرض أبو طالب، قالوا له لو أرسلت إلى ابن أخيك هذا، فيرسل إليك بعنقود من الجنة لعله أن يشفيك به، فجاءه الرسول، وأبو بكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر إن الله حرمهما على الكافرين. ثم وصف تعالى الكافرين بما كانوا يعتمدونه في الدنيا باتخاذهم الدين لهواً ولعباً، واغترارهم بالدنيا وزينتها وزخرفها عما أمروا به من العمل للآخرة، وقوله { فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا } أي يعاملهم معاملة من نسيهم لأنه تعالى لا يشذ عن علمه شيء، ولا ينساه كما قال تعالىفِى كِتَـٰبٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّى وَلاَ يَنسَى } طه 52 وإنما قال تعالى هذا من باب المقابلة كقولهنَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } التوبة 67 وقالكَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَـٰتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنْسَىٰ } طـه 126 وقال تعالىوَقِيلَ ٱلْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } الجاثية 34 وقال العوفي عن ابن عباس في قوله { فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا } قال نسيهم الله من الخير، ولم ينسهم من الشر، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال نتركهم كما تركوا لقاء يومهم هذا، وقال مجاهد نتركهم في النار، وقال السدي نتركهم من الرحمة كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا، وفي الصحيح إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة ألم أزوجك؟ ألم أكرمك؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول بلى، فيقول أظننت أنك ملاقي؟ فيقول لا، فيقول الله تعالى فاليوم أنساك كما نسيتني؟