الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } * { وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }

لما ذكر تعالى مخاطبة أهل الجنة مع أهل النار، نبه أن بين الجنة والنار حجاباً، وهو الحاجز المانع من وصول أهل النار إلى الجنة، قال ابن جرير وهو السور الذي قال الله تعالى فيه { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَـٰهِرُهُ مِن قِبَلِهِ } وهو الأعراف الذي قال الله تعالى فيه { وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ } ثم روى بإسناده عن السدي أنه قال في قوله تعالى { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ } وهو السور، وهو الأعراف. وقال مجاهد الأعراف حجاب بين الجنة والنار، سور له باب، قال ابن جرير والأعراف جمع عُرْف، وكل مرتفع من الأرض عند العرب يسمى عرفاً، وإنما قيل لعرف الديك عرفاً لارتفاعه. وحدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا ابن عيينة عن عُبيد الله بن أبي يزيد، سمع ابن عباس يقول الأعراف هو الشيء المشرف. وقال الثوري عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس قال الأعراف سور، كعرف الديك. وفي رواية عن ابن عباس الأعراف تل بين الجنة والنار حبس عليه ناس من أهل الذنوب بين الجنة والنار، وفي رواية عنه هو سور بين الجنة والنار. وكذا قال الضحاك وغير واحد من علماء التفسير. وقال السدي إنما سمي الأعراف أعرافاً لأن أصحابه يعرفون الناس، واختلفت عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف من هم؟ وكلها قريبة ترجع إلى معنى واحد، وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، نص عليه حذيفة وابن عباس وابن مسعود وغير واحد من السلف والخلف رحمهم الله، وقد جاء في حديث مرفوع رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه حدثنا عبد الله بن إسماعيل، حدثنا عبيد بن الحسين، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا النعمان بن عبد السلام، حدثنا شيخ لنا يقال له أبو عباد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن استوت حسناته وسيئاته، فقال " أولئك أصحاب الأعراف، لم يدخلوها وهم يطمعون " وهذا حديث غريب من هذا الوجه. ورواه من وجه آخر عن سعيد بن سلمة عن أبي الحسام عن محمد بن المنكدر عن رجل من مزينة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن استوت حسناته وسيئاته، فقال " إنهم قوم خرجوا عصاة بغير إذن آبائهم، فقتلوا في سبيل الله " وقال سعيد بن منصور حدثنا أبو معشر حدثنا يحيى بن شبل عن يحيى بن عبد الرحمن المزني عن أبيه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف، قال " هم ناس قتلوا في سبيل الله بمعصية آبائهم، فمنعهم من دخول الجنة معصية آبائهم، ومنعهم من النار قتلهم في سبيل الله "

السابقالتالي
2 3 4