يذكر تعالى أنه أباح لآدم عليه السلام ولزوجته حواء الجنة أن يأكلا منها من جميع ثمارها، إلا شجرة واحدة، وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة البقرة، فعند ذلك حسدهما الشيطان، وسعى في المكر والوسوسة والخديعة ليسلبهما ما هما فيه من النعمة واللباس الحسن { وَقَالَ } كذباً وافتراء { مَا نَهَـٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ } أي لئلا تكونا ملكين، أو خالدين ها هنا، ولو أنكما أكلتما منها، لحصل لكما ذلكما، كقوله{ قَالَ يَٰـئَادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } طه 120 أي لئلا تكونا ملكين، كقوله{ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } الأنعام 176 أي لئلا تضلوا{ وَأَلْقَىٰ فِى ٱلأَرْضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ } النحل 15 أي لئلا تميد بكم، وكان ابن عباس ويحيى بن أبي كثير يقرآن { إلا أن تكونا مَلِكَيْنِ } بكسر اللام، وقرأه الجمهور بفتحها، { وَقَاسَمَهُمَآ } أي حلف لهما بالله { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ } فإني من قبلكما ها هنا، وأعلم بهذا المكان، وهذا من باب المفاعلة، والمراد أحد الطرفين، كما قال خالد بن زهير ابن عم أبي ذؤيب
وقاسَمَهُمْ باللّهِ جَهْداً لأَنْتُمُ أَلَذُّ مِنَ السَّلْوى إِذْ ما نَشُورها
أي حلف لهما بالله على ذلك حتى خدعهما، وقد يخدع المؤمن بالله، وقال قتادة في الآية حلف بالله إني خلقت قبلكما، وأنا أعلم منكما فاتبعاني أرشدكما، وكان بعض أهل العلم يقول من خادَعَنا بالله، خُدِعْنا له.