الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

أمره الله تعالى أن يفوض الأمور إليه، وأن يخبر عن نفسه أنه لا يعلم الغيب المستقبل، ولا اطلاع له على شيء من ذلك إلا بما أطلعه الله عليه، كما قال تعالىعَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً } الجن 26 الآية. وقوله { وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ } قال عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن مجاهد { وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ } قال لو كنت أعلم متى أموت؟ لعملت عملاً صالحاً، وكذا روى ابن أبي نجيح عن مجاهد، وقال مثله ابن جريج، وفيه نظر لأن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ديمة، وفي رواية كان إذا عمل عملاً أثبته، فجميع عمله كان على منوال واحد كأنه ينظر إلى الله عز وجل في جميع أحواله، اللهم إلا أن يكون المراد أن يرشد غيره إلى الاستعداد لذلك، والله أعلم. والأحسن في هذا ما رواه الضحاك عن ابن عباس { وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ } أي من المال. وفي رواية لعلمت إذا اشتريت شيئاً ما أربح فيه، فلا أبيع شيئاً إلا ربحت فيه { وَمَا مَسَّنِىَ ٱلسُّوۤءُ } ولا يصيبني الفقر. وقال ابن جرير وقال آخرون معنى ذلك لو كنت أعلم الغيب، لأعددت للسنة المجدبة من المخصبة، ولوقت الغلاء من الرخص، فاستعددت له من الرخص، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم { وَمَا مَسَّنِىَ ٱلسُّوۤءُ } قال لاجتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون، واتقيته، ثم أخبر أنه إنما هو نذير وبشير، أي نذير من العذاب، وبشير للمؤمنين بالجنات كما قال تعالىفَإِنَّمَا يَسَّرْنَـٰهُ بِلَسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } مريم 97.