الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

يقول تعالى { يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } كما قال تعالىيَسْـئَلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } الأحزاب 63 قيل نزلت في قريش، وقيل في نفر من اليهود، والأول أشبه لأن الآية مكية، وكانوا يسألون عن وقت الساعة استبعاداً لوقوعها، وتكذيباً بوجودها، كما قال تعالىوَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } يس 48 وقال تعالىيَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا ٱلْحَقُّ أَلاَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فَي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلَ بَعِيدٍ } الشورى 18. وقوله { أَيَّانَ مُرْسَـٰهَا } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس منتهاها، أي متى محطها، وأيان آخر مدة الدنيا الذي هو أول وقت الساعة؟ { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ } أمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم إذا سئل عن وقت الساعة أن يرد علمها إلى الله تعالى، فإنه هو الذي يجليها لوقتها، أي يعلم جلية أمرها، ومتى يكون على التحديد، لا يعلم ذلك إلا هو تعالى، ولهذا قال { ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله { ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } قال ثقل علمها على أهل السموات والأرض أنهم لا يعلمون، قال معمر قال الحسن إذا جاءت ثقلت على أهل السموات والأرض، يقول كبرت عليهم. وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى { ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } قال ليس شيء من الخلق إلا يصيبه من ضرر يوم القيامة، وقال ابن جريج { ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } قال إذا جاءت، انشقت السماء، وانتثرت النجوم، وكورت الشمس، وسيرت الجبال، وكان ما قال الله عز وجل، فذلك ثقلها، واختار ابن جرير رحمه الله أن المراد ثقل علم وقتها على أهل السموات والأرض كما قال قتادة، وهو كما قالاه كقوله تعالى { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } ولا ينفي ذلك ثقل مجيئها على أهل السموات والأرض، والله أعلم. وقال السدي { ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } يقول خفيت في السموات والأرض، فلا يعلم قيامها حين تقوم ملك مقرب ولا نبي مرسل { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } يبغتهم قيامها تأتيهم على غفلة. وقال قتادة في قوله تعالى { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } قضى الله أنها { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } قال وذكر لنا أن نبي الله كان يقول " إن الساعة تهيج بالناس، والرجل يصلح حوضه، والرجل يسقي ماشيته، والرجل يقيم سلعته في السوق، ويخفض ميزانه ويرفعه " وقال البخاري حدثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب، أنبأنا أبو الزناد عن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما، فلا يتبايعانه ولا يطويانه. ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه، ولتقومن الساعة والرجل قد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها "

السابقالتالي
2 3 4 5