الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ تَأَذَّنَ } تفعل من الأذان، أي أعلم، قاله مجاهد، وقال غيره أمر، وفي قوة الكلام ما يفيد معنى القسم من هذه اللفظة، ولهذا أتبعت باللام في قوله { لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ } أي على اليهود { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ } أي بسبب عصيانهم ومخالفتهم أوامر الله وشرعه، واحتيالهم على المحارم، ويقال إن موسى عليه السلام ضرب عليهم الخراج سبع سنين، وقيل ثلاث عشرة سنة، وكان أول من ضرب الخراج، ثم كانوا في قهر الملوك من اليونانيين والكشدانيين والكلدانيين، ثم صاروا إلى قهر النصارى وإذلالهم إياهم وأخذهم منهم الجزية والخراج، ثم جاء الإسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم فكانوا تحت قهره وذمته يؤدون الخراج والجزية. قال العوفي عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قال هي المسكنة وأخذ الجزية منهم، وقال علي بن أبي طلحة عنه هي الجزية، والذي يسومهم سوء العذاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلموأمته إلى يوم القيامة، وكذا قال سعيد بن جبير وابن جريج والسدي وقتادة، وقال عبد الرزاق عن معمر عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن المسيب قال يستحب أن تبعث الأنباط في الجزية، قلت ثم آخر أمرهم أنهم يخرجون أنصاراً للدجال، فيقتلهم المسلمون مع عيسى بن مريم عليه السلام، وذلك آخر الزمان. وقوله { إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقَابِ } أي لمن عصاه وخالف شرعه { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي لمن تاب إليه وأناب، وهذا من باب قرن الرحمة مع العقوبة لئلا يحصل اليأس، فيقرن تعالى بين الترغيب والترهيب كثيراً لتبقى النفوس بين الرجاء والخوف.