الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِي مَن تَشَآءُ أَنتَ وَلِيُّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَافِرِينَ } * { وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـاةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ }

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الآية كان الله أمره أن يختار من قومه سبعين رجلاً، فاختار سبعين رجلاً فبرزهم ليدعوا ربهم، وكان فيما دعوا الله أن قالوا اللهم أعطنا ما لم تعطه أحداً قبلنا، ولا تعطيه أحداً بعدنا، فكره الله ذلك من دعائهم، فأخذتهم الرجفة، { قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّـٰىَ } الآية، وقال السدي إِن الله أمر موسى أن يأتيه في ثلاثين من بني إِسرائيل يعتذرون إِليه من عبادة العجل، ووعدهم موعداً { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً } على عينيه، ثم ذهب بهم ليعتذروا، فلما أتوا ذلك المكان قالوالَن نُّؤْمِنَ لَكَ } يا موسى { حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً } البقرة 55 فإنك قد كلمته، فأرناهفَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ } البقرة 55 فماتوا، فقام موسى يبكي، ويدعو الله ويقول رب ماذا أقول لبني إِسرائيل إِذا لقيتهم، وقد أهلكت خيارهم؟ { رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّـٰىَ }. وقال محمد بن إسحاق اختار موسى من بني إِسرائيل سبعين رجلاً الخير فالخير، وقال انطلقوا إلى الله، فتوبوا إِليه مما صنعتم، وسلوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم، صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم، فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقته له ربه، وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم، فقال له السبعون - فيما ذكر لي - حين صنعوا ما أمرهم به، وخرجوا معه للقاء ربه، فقالوا لموسى اطلب لنا نسمع كلام ربنا، فقال أفعل، فلما دنا موسى من الجبل، وقع عليه عمود الغمام، حتى إذا تغشى الجبل كله، دنا موسى، فدخل فيه، وقال للقوم ادنوا، وكان موسى إِذا كلمه الله، وقع على جبهة موسى نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه، فضرب دونه بالحجاب، ودنا القوم، حتى إذا دخلوا في الغمام، وقعوا سجوداً، فسمعوه وهو يكلم موسى يأمره وينهاه، افعل ولا تفعل، فلما فرغ إليه من أمره، وانكشف عن موسى الغمام، فأقبل إليهم، فقالوا يا موسى { لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فأخذتهم الرجفة } ، وهي الصاعقة، فالتقت أرواحهم، فماتوا جميعاً، فقام موسى يناشد ربه ويدعوه، ويرغب إليه ويقول { رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّـٰىَ } قد سفهوا، أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل. وقال سفيان الثوري حدثني أبو إسحاق عن عمارة بن عبيد السلولي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال انطلق موسى وهارون، وشبر وشبير، فانطلقوا إلى سفح جبل، فنام هارون على سرير، فتوفاه الله عز وجل، فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل، قالوا له أين هارون؟ قال توفاه الله عز وجل، قالوا أنت قتلته، حسدتنا على خلقه ولينه، أو كلمة نحوها، قال فاختاروا من شئتم، قال فاختاروا سبعين رجلاً، قال فذلك قوله تعالى { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً } فلما انتهوا إليه قالوا يا هارون من قتلك؟ قال ما قتلني أحد، ولكن توفاني الله، قالوا يا موسى لن تعصى بعد اليوم، فأخذتهم الرجفة، قال فجعل موسى يرجع يميناً وشمالاً، وقال يا رب { لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّـٰىَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ إِنْ هِىَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِى مَن تَشَآءُ } قال فأحياهم الله، وجعلهم أنبياء كلهم.

السابقالتالي
2 3 4