الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } * { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ }

يخبر تعالى عن سعادة من يؤتى كتابه يوم القيامة بيمينه، وفرحه بذلك، وأنه من شدة فرحه يقول لكل من لقيه { هَآؤُمُ ٱقْرَؤُاْ كِتَـٰبيَهْ } أي خذوا اقرؤوا كتابيه لأنه يعلم أن الذي فيه خير وحسنات محضة لأنه ممن بدل الله سيئاته حسنات. قال عبد الرحمن بن زيد معنى { هَآؤُمُ ٱقْرَؤُاْ كِتَـٰبيَهْ } أي ها اقرؤوا كتابيه، و ؤم زائدة، كذا قال، والظاهر أنها بمعنى هاكم. وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا بشر بن مطر الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عاصم الأحول عن أبي عثمان قال المؤمن يعطى كتابه بيمينه في ستر من الله، فيقرأ سيئاته، فكلما قرأ سيئة، تغير لونه، حتى يمر بحسناته فيقرؤها، فيرجع إليه لونه، ثم ينظر، فإذا سيئاته قد بدلت حسنات، قال فعند ذلك يقول هاؤم اقرؤوا كتابيه. وحدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن الوليد بن سلمة، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا موسى بن عبيدة، أخبرني عبد الله بن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال إن الله يوقف عبده يوم القيامة، فيبدي، أي يظهر سيئاته في ظهر صحيفته، فيقول له أنت عملت هذا؟ فيقول نعم أي رب فيقول له إني لم أفضحك به، وإني قد غفرت لك، فيقول عند ذلك هاؤم اقرؤوا كتابيه، { إِنِّى ظَنَنتُ أَنِّى مُلَـٰقٍ حِسَابِيَهْ } حين نجا من فضيحته يوم القيامة. وقد تقدم في الصحيح حديث ابن عمر حين سئل عن النجوى، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يدني الله العبد يوم القيامة، فيقرره بذنوبه كلها، حتى إذا رأى أنه قد هلك، قال الله تعالى إني سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه، وأما الكافر والمنافق، فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين " وقوله تعالى { إِنِّى ظَنَنتُ أَنِّى مُلَـٰقٍ حِسَابِيَهْ } أي قد كنت موقناً في الدنيا أن هذا اليوم كائن لا محالة كما قال تعالىٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُوا رَبِّهِمْ } البقرة 46 قال الله تعالى { فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } أي مرضية { فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } أي رفيعة قصورها، حسان حورها، نعيمة دورها، دائم حبورها. قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا أبو عتبة الحسن بن علي بن مسلم السكوني، حدثنا إسماعيل بن عياش عن سعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام الأسود قال سمعت أبا أمامة قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يتزاور أهل الجنة؟ قال " نعم، إنه ليهبط أهل الدرجة العليا إلى أهل الدرجة السفلى، فيحيونهم ويسلمون عليهم، ولا يستطيع أهل الدرجة السفلى يصعدون إلى الأعلين، تقصر بهم أعمالهم "

السابقالتالي
2