الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَاقَّةُ } * { مَا ٱلْحَآقَّةُ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحَاقَّةُ } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِٱلْقَارِعَةِ } * { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } * { وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } * { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } * { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } * { وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَٱلْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ } * { فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً } * { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ } * { لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ }

الحاقة من أسماء يوم القيامة لأن فيها يتحقق الوعد والوعيد، ولهذا عظم الله أمرها فقال { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحَاقَّةُ }؟ ثم ذكر تعالى إهلاكه الأمم المكذبين بها، فقال تعالى { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } وهي الصيحة التي أسكتتهم، والزلزلة التي أسكنتهم، هكذا قال قتادة الطاغية الصيحة، وهو اختيار ابن جرير، وقال مجاهد الطاغية الذنوب، وكذا قال الربيع بن أنس وابن زيد إنها الطغيان، وقرأ ابن زيدكَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ } الشمس 11 وقال السدي { فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } ، قال يعني عاقر الناقة { وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ } أي باردة. قال قتادة والسدي والربيع بن أنس والثوري { عَاتِيَةٍ } أي شديدة الهبوب، قال قتادة عتت عليهم حتى نقبت عن أفئدتهم. وقال الضحاك { صَرْصَرٍ } باردة { عَاتِيَةٍ } عتت عليهم بغير رحمة ولا بركة، وقال علي وغيره عتت على الخزنة، فخرجت بغير حساب. { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ } أي سلطها عليهم { سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَـٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً } أي كوامل متتابعات مشائيم، قال ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وعكرمة والثوري وغيرهم حُسُوماً متتابعات، وعن عكرمة والربيع بن خثيم مشائيم عليهم كقوله تعالىفِىۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } فصلت 16 قال الربيع وكان أولها الجمعة، وقال غيره الأربعاء، ويقال إنها التي تسميها الناس الأعجاز، وكأن الناس أخذوا ذلك من قوله تعالى { فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } وقيل لأنها تكون في عجز الشتاء، ويقال أيام العجوز لأن عجوزاً من قوم عاد دخلت سرباً، فقتلها الريح في اليوم الثامن، حكاه البغوي، والله أعلم. قال ابن عباس { خَاوِيَةٍ } خربة، وقال غيره بالية، أي جعلت الريح تضرب بأحدهم الأرض، فيخر ميتاً على أم رأسه، فينشدخ رأسه، وتبقى جثته هامدة كأنها قائمة النخلة إذا خرت بلا أغصان. وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور " وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا محمد بن يحيى بن الضريس العبدي، حدثنا ابن فضيل عن مسلم عن مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما فتح الله على عاد من الريح التي هلكوا بها إلا مثل موضع الخاتم، فمرت بأهل البادية، فحملتهم ومواشيهم وأموالهم، فجعلتهم بين السماء والأرض، فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها، قالوا هذا عارض ممطرنا، فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة " وقال الثوري عن ليث عن مجاهد الريح لها جناحان وذنب { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } أي هل تحس منهم من أحد من بقاياهم، أو ممن ينتسب إليهم؟ بل بادوا عن آخرهم، ولم يجعل الله لهم خلفاً.

السابقالتالي
2 3