الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ } * { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } * { قَالُواْ بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ } * { وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ }

يقول تعالى { وَ } أعتدنا { وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } أي بئس المآل والمنقلب { إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقًا } قال ابن جرير يعني الصياح { وَهِىَ تَفُورُ } قال الثوري تغلي بهم كما يغلي الحب القليل في الماء الكثير. وقوله تعالى { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ } أي تكاد ينفصل بعضها من بعض من شدة غيظها عليهم، وحنقها بهم { كُلَّمَا أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُواْ بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَىْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ كَبِيرٍ } يذكر تعالى عدله في خلقه، وأنه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، وإرسال الرسول إليه كما قال تعالىوَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } الإسراء 15 وقال تعالىحَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءَايَـٰتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } الزمر 71 وهكذا عادوا على أنفسهم بالملامة، وندموا حيث لا تنفعهم الندامة، فقالوا { لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِىۤ أَصْحَـٰبِ ٱلسَّعِيرِ } أي لو كانت لنا عقول ننتفع بها، أو نسمع ما أنزله الله من الحق، لما كنّا على ما كنّا عليه من الكفر بالله والاغترار به، ولكن لم يكن لنا فهمٌ نعي به ما جاءت به الرسل، ولا كان لنا عقل يرشدنا إلى اتباعهم. قال الله تعالى { فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَـٰبِ ٱلسَّعِيرِ } قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة. عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري الطائي قال أخبرني من سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم " وفي حديث آخر " لا يدخل أحد النار إلا وهو يعلم أن النار أولى به من الجنة ".