الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ ٱلأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِّتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً }

يقول تعالى مخبراً عن قدرته التامة وسلطانه العظيم ليكون ذلك باعثاً على تعظيم ما شرع من الدين القويم { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَـٰوَٰتٍ } كقوله تعالى إخباراً عن نوح أنه قال لقومهأَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبْعَ سَمَـٰوَٰتٍ طِبَاقاً } نوح 15، وقوله تعالىتُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ } الإسراء 44 وقوله تعالى { وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } أي سبعاً أيضاً كما ثبت في الصحيحين " من ظلم قيد شبر من الأرض طوّقه من سبع أرضين " ، وفي صحيح البخاري " خسف به إلى سبع أرضين " ، وقد ذكرت طرقه وألفاظه وعزوه في أول " البداية والنهاية " عند ذكر خلق الأرض ولله الحمد والمنة. ومن حمل ذلك على سبعة أقاليم، فقد أبعد النَّجعة وأغرق في النزع وخالف القرآن والحديث بلا مستند، وقد تقدّم في سورة " الحديد " عند قوله تعالىهُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلْبَـٰطِنُ } الحديد 3 ذكر الأرضين السبع، وبعد ما بينهن، وكثافة كل واحدة منهن خمسمائة عام. وهكذا قال ابن مسعود وغيره، وكذا في الحديث الآخر " ما السموات السبع وما فيهن وما بينهن، والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة " وقال ابن جرير حدثنا عمرو بن علي، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى { سَبْعَ سَمَـٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } قال لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم، وكفركم تكذيبكم بها. وحدثنا ابن حميد حدثنا يعقوب بن عبد الله بن سعد القمي الأشعري عن جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي عن سعيد بن جبير قال قال رجل لابن عباس { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَـٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } الآية، فقال ابن عباس ما يؤمنك إن أخبرتك بها فتكفر. وقال ابن جرير حدثنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي الضحى عن ابن عباس في هذه الآية { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَـٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } قال عمرو قال في كل أرض مثل إبراهيم، ونحو ما على الأرض من الخلق. وقال ابن المثنى في حديثه في كل سماء إبراهيم. وروى البيهقي في كتاب " الأسماء والصفات " هذا الأثر عن ابن عباس بأبسط من هذا، فقال أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أحمد بن يعقوب، حدثنا عبيد بن غنام النخعي، أخبرنا علي بن حكيم، حدثنا شريك، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى، عن ابن عباس أنه قال { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَـٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } قال سبع أرضين، في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى.

السابقالتالي
2