الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَلَهُ ٱلْحَمْدُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } * { يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

هذه السورة هي آخر المسبحات، وقد تقدم الكلام على تسبيح المخلوقات لبارئها ومالكها، ولهذا قال تعالى { لَهُ ٱلْمُلْكُ وَلَهُ ٱلْحَمْدُ } أي هو المتصرف في جميع الكائنات، المحمود على جميع ما يخلقه ويقدّره. وقوله تعالى { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } أي مهما أراد كان بلا ممانع ولا مدافع، وما لم يشأ لم يكن. وقوله تعالى { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } أي هو الخالق لكم على هذه الصفة، وأراد منكم ذلك، فلا بد من وجود مؤمن وكافر، وهو البصير بمن يستحق الهداية ممن يستحق الضلال، وهو شهيد على أعمال عباده، وسيجزيهم بها أتم الجزاء، ولهذا قال تعالى { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } ثم قال تعالى { خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } أي بالعدل والحكمة { وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ } أي أحسن أشكالكم كقوله تعالىيٰأَيُّهَا ٱلإِنسَـٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } الانفطار 6 ــــ 8. وكقوله تعالىٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً وَٱلسَّمَآءَ بِنَـآءً وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَـٰتِ } الآية غافر 64، وقوله تعالى { وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } أي المرجع والمآب. ثم أخبر تعالى عن علمه بجميع الكائنات السمائية والأرضية والنفسية، فقال تعالى { يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَٱللَّهُ عَلِيمُ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }.