الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مِّنَ ٱلْحَقِّ يُخْرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } * { إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُوۤاْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ } * { لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

كان سبب نزول صدر هذه السورة الكريمة قصة حاطب بن أبي بلتعة، وذلك أن حاطباً هذا كان رجلاً من المهاجرين، وكان من أهل بدر أيضاً، وكان له بمكة أولاد ومال، ولم يكن من قريش أنفسهم، بل كان حليفاً لعثمان، فلما عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فتح مكة، لما نقض أهلها العهد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالتجهيز لغزوهم، وقال " اللهم عَمِّ عليهم خبرنا " فعمد حاطب هذا فكتب كتاباً، وبعثه مع امرأة من قريش إلى أهل مكة، يعلمهم بما عزم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوهم ليتخذ بذلك عندهم يداً، فأطلع الله تعالى على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم استجابة لدعائه، فبعث في أثر المرأة، فأخذ الكتاب منها، وهذا بين في هذا الحديث المتفق على صحته. قال الإمام أحمد حدثنا سفيان عن عمه عمرو، أخبرني حسن بن محمد بن علي، أخبرني عبد الله بن أبي رافع، وقال مرة إن عبيد الله بن أبي رافع أخبره أنه سمع علياً رضي الله عنه يقول بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد، فقال " انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها " فانطلقنا تعادي بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، قلنا أخرجي الكتاب، قالت ما معي كتاب، قلنا لتخرجن الكتاب، أو لتلقين الثياب، قال فأخرجت الكتاب من عقاصها، فأخذنا الكتاب، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا حاطب ما هذا؟ " قال لا تعجل علي، إني كنت امرأً ملصقاً في قريش، ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم، أن أتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني، ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنه صدقكم " فقال عمر دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر، فقال اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم " وهكذا أخرجه الجماعة إلا ابن ماجه، من غير وجه، عن سفيان بن عُيينة به، وزاد البخاري في كتاب المغازي فأنزل الله السورة { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ } وقال في كتاب التفسير قال عمرو ونزلت فيه { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ } وقال لا أدري الآية في الحديث، أو قال عمرو؟ قال البخاري قال علي، يعني ابن المديني قيل لسفيان في هذا نزلت { لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ } فقال سفيان هذا في حديث الناس حفظته من عمرو، ما تركت منه حرفاً، ولا أدري أحداً حفظه غيري.

السابقالتالي
2 3 4 5