الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّيۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ } * { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } * { فَلَمَّآ رَأَى ٱلْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } * { فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } * { إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }

قال الضحاك عن ابن عباس إن أبا إبراهيم لم يكن اسمه آزر، وإنما كان اسمه تارح، رواه ابن أبي حاتم، وقال أيضاً حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل، حدثنا أبي، حدثنا أبو عاصم شبيب، حدثنا عكرمة عن ابن عباس في قوله { وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ لأَبِيهِ ءَازَرَ } يعني بآزر الصنم، وأبو إبراهيم اسمه تارح، وأمه اسمها مثاني، وامرأته اسمها سارة، وأم إسماعيل اسمها هاجر، وهي سرية إبراهيم، وهكذا قال غير واحد من علماء النسب إن اسمه تارح، وقال مجاهد والسدي آزر اسم صنم، قلت كأنه غلب عليه آزر لخدمته ذلك الصنم، فالله أعلم، وقال ابن جرير وقال آخرون هو سب وعيب بكلامهم، ومعناه معوج، ولم يسنده، ولا حكاه عن أحد. وقد قال ابن أبي حاتم ذكر عن معتمر بن سليمان، سمعت أبي يقرأ { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً } قال بلغني أنها أعوج، وأنها أشد كلمة قالها إبراهيم عليه السلام، ثم قال ابن جرير والصواب أن اسم أبيه آزر، ثم أورد على نفسه قول النسابين أن اسمه تارح، ثم أجاب بأنه قد يكون له اسمان كما لكثير من الناس، أو يكون أحدهما لقباً، وهذا الذي قاله جيد قوي، والله أعلم. واختلف القراء في أداء قوله تعالى { وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ لأَبِيهِ ءَازَرَ } فحكى ابن جرير عن الحسن البصري، وأبي يزيد المدني، أنهما كانا يقرأان { وإذ قالَ إبراهيمُ لأبيهِ آزرُ أتتخذ أصناماً آلهة } معناه يا آزرُ أتتخذ أصناماً آلهة، وقرأ الجمهور بالفتح، إما على أنه علم أعجمي لا ينصرف وهو بدل من قوله { لأَبِيهِ } أو عطف بيان، وهو أشبه، وعلى قول من جعله نعتاً لا ينصرف أيضاً، كأحمر وأسود، فأما من زعم أنه منصوب لكونه معمولاً لقوله { أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً } تقديره يا أبت أتتخذ آزر أصناماً آلهة؟ فإنه قول بعيد في اللغة، فإن ما بعد حرف الاستفهام، لا يعمل فيما قبله لأن له صدر الكلام، كذا قرره ابن جرير وغيره، وهو مشهور في قواعد العربية، والمقصود أن إبراهيم وعظ أباه في عبادة الأصنام، وزجره عنها، ونهاه فلم ينته، كما قال { وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ لأَبِيهِ ءَازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً ءَالِهَةً } أي أتتأله لصنم تعبده من دون الله؟ { إِنِّىۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ } أي السالكين مسلكك { فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } أي تائهين، لا يهتدون أين يسلكون، بل في حيرة وجهل، وأمركم في الجهالة والضلال بين واضح لكل ذي عقل سليم. وقال تعالىوَٱذْكُرْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ إِبْرَٰهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يٰأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِى عَنكَ شَيْئاً يٰأَبَتِ إِنِّى قَدْ جَآءَنِى مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَٱتَّبِعْنِىۤ أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً يٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَـٰنَ إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيّاً يٰأَبَتِ إِنِّىۤ أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَـٰنِ وَلِيّاً قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِى يٰإِبْرَٰهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَٱهْجُرْنِى مَلِيّاً قَالَ سَلَـٰمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيّاً وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدْعُواْ رَبِّى عَسَىۤ أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّى شَقِيًّا }

السابقالتالي
2 3 4 5