الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

يقول تعالى مبيناً لمال الفيء، وما صفته، وما حكمه؟ فالفيء كل مال أخذ من الكفار من غير قتال، ولا إيجاف خيل ولا ركاب، كأموال بني النضير هذه فإنها مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، أي لم يقاتلوا الأعداء فيها بالمبارزة والمصاولة، بل نزل أولئك من الرعب الذي ألقى الله في قلوبهم من هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاءه على رسوله، ولهذا تصرف فيه كما يشاء، فرده على المسلمين في وجوه البر والمصالح التي ذكرها الله عز وجل في هذه الآيات فقال تعالى { وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ } أي من بني النضير { فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ } يعني الإبل { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } أي هو قدير لا يغالب ولا يمانع، بل هو القاهر لكل شيء. ثم قال تعالى { مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } أي جميع البلدان التي تُفتح هكذا، فحكمها حكم أموال بني النضير، ولهذا قال تعالى { فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } إلى آخرها، والتي بعدها، فهذه مصارف أموال الفيء ووجوهه. قال الإمام أحمد حدثنا سفيان، عن عمرو ومَعْمر، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر، رضي الله عنه قال كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لو يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة، فكان ينفق على أهله منها نفقة سنته، وقال مرة قوت سنته، وما بقي جعله في الكُراع والسلاح في سبيل الله، عز وجل. هكذا أخرجه أحمد ههنا مختصراً، وقد أخرجه الجماعة في كتبهم، إلا ابن ماجه، من حديث سفيان عن عمرو بن دينار عن الزهري به، وقد رويناه مطولاً. وقال أبو داود رحمه الله حدثنا الحسن بن علي ومحمد بن يحيى بن فارس، المعنى واحد، قالا حدثنا بشر بن عمر الزهراني، حدثني مالك بن أنس عن ابن شهاب عن مالك بن أوس قال أرسل إليّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تعالى النهار، فجئته فوجدته جالساً على سرير مفضياً إلى رماله، فقال حين دخلت عليه يا مالِ إنه قد دف أهل أبيات من قومك، وقد أمرت فيهم بشيء، فاقسم فيهم، قلت لو أمرت غيري بذلك، فقال خذه، فجاءه يرفا، فقال يا أمير المؤمنين هل لك في عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص؟ قال نعم. فأذن لهم، فدخلوا، ثم جاءه يرفا فقال يا أمير المؤمنين هل لك في العباس وعلي؟ قال نعم، فأذن لهما فدخلا، فقال العباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا، يعني علياً، فقال بعضهم أجل يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرحهما، قال مالك بن أوس خيل إلي أنهما قدما أولئك النفر لذلك، فقال عمر رضي الله عنه اتئدا، ثم أقبل على أولئك الرهط، فقال أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

السابقالتالي
2 3 4