الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } * { فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ } * { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذِّبِينَ ٱلضَّآلِّينَ } * { فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ } * { وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

هذه الأحوال الثلاثة هي أحوال الناس عند احتضارهم، إما أن يكون من المقربين، أو يكون ممن دونهم من أصحاب اليمين، وإما أن يكون من المكذبين بالحق، الضالين عن الهدى، الجاهلين بأمر الله، ولهذا قال تعالى { فَأَمَّآ إِن كَانَ } أي المحتضر { مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } وهم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات وبعض المباحات، { فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّـٰتُ نَعِيمٍ } أي فلهم روح وريحان، وتبشرهم الملائكة بذلك عند الموت كما تقدم في حديث البراء أن ملائكة الرحمة تقول أيتها الروح الطيبة في الجسد الطيب كنت تعمرينه، اخرجي إلى روح وريحان، ورب غير غضبان. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { فَرَوْحٌ } يقول راحة، وريحان، يقول مستراحة، وكذا قال مجاهد إن الروح الاستراحة، وقال أبو حزرة الراحة من الدنيا، وقال سعيد بن جبير والسدي الروح الفرح، وعن مجاهد { فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ } جنة ورخاء. وقال قتادة فروح فرحمة، وقال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وريحان ورزق، وكل هذه الأقوال متقاربة صحيحة، فإن من مات مقرباً، حصل له جميع ذلك من الرحمة والراحة والاستراحة، والفرح والسرور والرزق الحسن، { وَجَنَّـٰتُ نَعِيمٍ } وقال أبو العالية لا يفارق أحد من المقربين حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة، فيقبض روحه فيه. وقال محمد بن كعب لا يموت أحد من الناس حتى يعلم من أهل الجنة هو أم من أهل النار، وقد قدمنا أحاديث الاحتضار عند قوله تعالى في سورة إبراهيميُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ } إبراهيم 27 ولو كتبت ههنا لكان حسناً، ومن جملتها حديث تميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول " يقول الله تعالى لملك الموت انطلق إلى فلان، فائتني به فإنه قد جربته بالسراء والضراء، فوجدته حيث أحب، ائتني فلأريحه ــــ قال ــــ فينطلق إليه ملك الموت، ومعه خمسمئة من الملائكة، معهم أكفان وحنوط من الجنة، ومعهم ضبائر الريحان، أصل الريحانة واحد، وفي رأسها عشرون لوناً، لكل لون منها ريح سوى ريح صاحبه، ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك " وذكر تمام الحديث بطوله كما تقدم. وقد وردت أحاديث تتعلق بهذه الآية. قال الإمام أحمد حدثنا يونس بن محمد، حدثنا هارون عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ { فَرُوحٌ وَرَيحَانٌ } برفع الراء، وكذا رواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث هارون، وهو ابن موسى الأعور به، وقال الترمذي لا نعرفه إلا من حديثه، وهذه القراءة هي قراءة يعقوب وحده، وخالفه الباقون، فقرؤوا { فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ } بفتح الراء. وقال الإمام أحمد حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أنه سمع درة بنت معاذ تحدث عن أم هانىء أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتزاور إذا متنا، ويرى بعضنا بعضاً؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3