الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } * { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } * { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } * { أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ } * { ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ } * { أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ } * { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

يقول تعالى { أَفَرَءَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ }؟ وهو شق الأرض وإثارتها والبذر فيها { أَءَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ }؟ أي تنبتونه في الأرض { أَمْ نَحْنُ ٱلزَٰرِعُونَ } أي بل نحن الذين نقره قراره، وننبته في الأرض. قال ابن جرير وقد حدثني أحمد بن الوليد القرشي، حدثنا مسلم بن أبي مسلم الجرمي، حدثنا مخلد بن الحسين عن هشام عن محمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تقولن زرعت، ولكن قل حرثت " قال أبو هريرة ألم تسمع إلى قوله تعالى { أَفَرَءَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَءَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَٰرِعُونَ }؟ ورواه البزار عن محمد بن عبد الرحيم عن مسلم الجرمي به، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد عن عطاء عن أبي عبد الرحمن لا تقولوا زرعنا، ولكن قولوا حرثنا. وروي عن حجر المدري أنه كان إذا قرأ { أَءَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَٰرِعُونَ } وأمثالها، يقول بل أنت يا رب. وقوله تعالى { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَـٰماً } أي نحن أنبتناه بلطفنا ورحمتنا، وأبقيناه لكم رحمة بكم، بل ولو نشاء لجعلناه حطاماً، أي لأيبسناه قبل استوائه واستحصاده { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } ثم فسر ذلك بقوله { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } أي لو جعلناه حطاماً، لظللتم تفكهون في المقالة تنوعون كلامكم، فتقولون تارة إنا لمغرمون، أي لملقون، وقال مجاهد وعكرمة إنا لموقع بنا. وقال قتادة معذبون، وتارة يقولون بل نحن محرومون. وقال مجاهد أيضاً إنا لمغرمون ملقون للشر، أي بل نحن محارفون، قاله قتادة، أي لا يثبت لنا مال، ولا ينتج لنا ربح، وقال مجاهد بل نحن محرومون، أي مجدودون، يعني لا حظ لنا، وقال ابن عباس ومجاهد { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } تعجبون. وقال مجاهد أيضاً فظلتم تفكهون تفجعون وتحزنون على ما فاتكم من زرعكم، وهذا يرجع إلى الأول، وهو التعجب من السبب الذي من أجله أصيبوا في مالهم، وهذا اختيار ابن جرير. وقال عكرمة فظلتم تفكهون تلاومون، وقال الحسن وقتادة والسدي فظلتم تفكهون تندمون، ومعناه إما على ما أنفقتم، أو على ما أسلفتم من الذنوب، قال الكسائي تفكه من الأضداد، تقول العرب تفكهت بمعنى تنعمت، وتفكهت بمعنى حزنت. ثم قال تعالى { أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِى تَشْرَبُونَ أَءَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ } يعني السحاب، قاله ابن عباس ومجاهد وغير واحد { أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } يقول بل نحن المنزلون { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَـٰهُ أُجَاجاً } أي زعافاً مراً لا يصلح لشرب ولا زرع { فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } أي فهلا تشكرون نعمة الله عليكم في إنزاله المطر عليكم عذباً زلالاًلَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ ٱلزَّرْعَ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلأَعْنَـٰبَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

السابقالتالي
2 3