الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } * { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } * { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } * { إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } * { وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً } * { فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } * { وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً } * { فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } * { وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } * { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } * { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ }

الواقعة من أسماء يوم القيامة، سميت بذلك لتحقق كونها ووجودها كما قال تعالىفَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } الحاقة 15 قوله تعالى { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } أي ليس لوقوعها إذا أراد الله كونها صارف يصرفها، ولا دافع يدفعها كما قالٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ } الشورى 47 وقالسَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِّلْكَـٰفِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } المعارج1-2 وقال تعالىوَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ وَلَهُ ٱلْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّوَرِ عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ } الأنعام 73. ومعنى { كَاذِبَةٌ } كما قال محمد بن كعب لابد أن تكون، وقال قتادة ليس فيها مثنوية ولا ارتداد ولا رجعة. قال ابن جرير والكاذبة مصدر كالعاقبة والعافية. وقوله تعالى { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } أي تخفض أقواماً إلى أسفل سافلين إلى الجحيم، وإن كانوا في الدنيا أعزاء، وترفع آخرين إلى أعلى عليين إلى النعيم المقيم، وإن كانوا في الدنيا وضعاء، هكذا قال الحسن وقتادة وغيرهما. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن عبد الرحمن بن مصعب المعني، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن أبيه عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } تخفض أقواماً، وترفع آخرين، وقال عبيد الله العتكي عن عثمان بن سراقة ابن خالة عمر بن الخطاب { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } قال الساعة خفضت أعداء الله إلى النار، ورفعت أولياء الله إلى الجنة. وقال محمد بن كعب تخفض رجالاً كانوا في الدنيا مرتفعين، وترفع رجالاً كانوا في الدنيا مخفوضين، وقال السدي خفضت المتكبرين، ورفعت المتواضعين، وقال العوفي عن ابن عباس { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } أسمعت القريب والبعيد، وقال عكرمة خفضت فأسمعت الأدنى، ورفعت فأسمعت الأقصى، وكذا قال الضحاك وقتادة. وقوله تعالى { إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } أي حركت تحريكاً، فاهتزت واضطربت بطولها وعرضها، ولهذا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وغير واحد في قوله تعالى { إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } أي زلزلت زلزالاً، وقال الربيع بن أنس ترج بما فيها كرج الغربال بما فيه، وهذا كقوله تعالىإِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } الزلزلة 1 وقال تعالىيٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ } الحج 1. وقوله تعالى { وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً } أي فتتت فتاً، قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة وغيرهم، وقال ابن زيد صارت الجبال كما قال الله تعالىكَثِيباً مَّهِيلاً } المزمل 14. وقوله تعالى { فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } قال أبو إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه هباء منبثاً كرهج الغبار يسطع ثم يذهب، فلا يبقى منه شيء، وقال العوفي عن ابن عباس في قوله { فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } الهباء الذي يطير من النار إذا اضطرمت يطير منه الشرر، فإذا وقع لم يكن شيئاً، وقال عكرمة المنبث الذي قد ذرته الريح وبثته.

السابقالتالي
2 3