الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

يقول تعالى { مُّتَّكِئِينَ } يعني أهل الجنة، والمراد بالاتكاء ههنا الاضطجاع، ويقال الجلوس على صفة التربيع { عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } وهو ما غلظ من الديباج، قاله عكرمة والضحاك وقتادة. وقال أبو عمران الجوني هو الديباج المزين بالذهب، فنبه على شرف الظهارة بشرف البطانة، فهذا من التنبيه بالأدنى على الأعلى. قال أبو إسحاق عن هبيرة بن يريم عن عبد الله بن مسعود قال هذه البطائن، فكيف لو رأيتم الظواهر؟ وقال مالك بن دينار بطائنها من إستبرق، وظواهرها من نور، وقال سفيان الثوري أو شريك بطائنها من إستبرق، وظواهرها من نور جامد، وقال القاسم بن محمد بطائنها من إستبرق، وظواهرها من الرحمة، وقال ابن شوذب عن أبي عبد الله الشامي ذكر الله البطائن، ولم يذكر الظواهر، وعلى الظواهر المحابس، ولا يعلم ما تحت المحابس إلا الله تعالى، ذكر ذلك كله الإمام ابن أبي حاتم رحمه الله، { وَجَنَى ٱلْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } أي ثمرهما قريب إليهم، متى شاؤوا تناولوه على أي صفة كانوا، كما قال تعالىقُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } الحاقة 23 وقالوَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَـٰلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً } الإنسان 14 أي لا تمتنع ممن تناولها، بل تنحط إليه من أغصانها { فَبِأَىِّ ءَالاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }؟ ولما ذكر الفرش وعظمتها، قال بعد ذلك { فِيهِنَّ } أي في الفرش { قَـٰصِرَٰتُ ٱلطَّرْفِ } أي غضيضات عن غير أزواجهن، فلا يرين شيئاً في الجنة أحسن من أزواجهن، قاله ابن عباس وقتادة وعطاء الخراساني وابن زيد، وقد ورد أن الواحدة منهن تقول لبعلها والله ما أرى في الجنة شيئاً أحسن منك، ولا في الجنة شيئاً أحب إلي منك، فالحمد لله الذي جعلك لي وجعلني لك. { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } أي بل هن أبكار، عرب أتراب، لم يطأهن أحد قبل أزواجهن من الإنس والجن، وهذه أيضاً من الأدلة على دخول مؤمني الجن الجنة، وقال أرطاة بن المنذر سئل ضمرة بن حبيب هل يدخل الجن الجنة؟ قال نعم، وينكحون، للجن جنيات، وللإنس إنسيات، وذلك قوله { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ فَبِأَىِّ ءَالاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }. ثم قال ينعتهن للخطاب { كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } قال مجاهد والحسن وابن زيد وغيرهم في صفاء الياقوت وبياض المرجان، فجعلوا المرجان ههنا اللؤلؤ. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا محمد بن حاتم، حدثنا عبيدة بن حميد عن عطاء بن السائب عن عمرو ابن ميمون الأودي، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقيها من وراء سبعين حلة من حرير حتى يرى مخها " وذلك قول الله تعالى { كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ } فأما الياقوت، فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكاً ثم استصفيته، لرأيته من ورائه، وهكذا رواه الترمذي من حديث عبيدة بن حميد وأبي الأحوص عن عطاء ابن السائب به، ورواه موقوفاً، ثم قال وهو أصح.

السابقالتالي
2 3