الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ } * { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } * { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } * { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ } * { وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } * { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } * { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } * { وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ } * { ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ }

يقول تعالى ذاماً لمن تولى عن طاعة اللهفَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } القيامة 31 ــــ 32 { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } قال ابن عباس أطاع قليلاً، ثم قطعه، وكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة وغير واحد. قال عكرمة وسعيد كمثل القوم إذا كانوا يحفرون بئراً، فيجدون في أثناء الحفر صخرة تمنعهم من تمام العمل، فيقولون أكدينا، ويتركون العمل. وقوله تعالى { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } أي أعند هذا الذي قد أمسك يده خشية الإنفاق، وقطع معروفه، أعنده علم الغيب أنه سينفد ما في يده، حتى قد أمسك عن معروفه، فهو يرى ذلك عياناً؟ أي ليس الأمر كذلك، وإنما أمسك عن الصدقة والمعروف والبر والصلة بخلاً وشحاً وهلعاً، ولهذا جاء في الحديث " أنفق بلالاً، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالاً " وقد قال الله تعالىوَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } سبأ 39. وقوله تعالى { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ وَإِبْرَٰهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } قال سعيد بن جبير والثوري أي بلغ جميع ما أمر به، وقال ابن عباس { وَفَّىٰ } لله بالبلاغ، وقال سعيد بن جبير { وَفَّىٰ } ما أمر به، وقال قتادة { وَفَّىٰ } طاعة الله، وأدى رسالته إلى خلقه، وهذا القول هو اختيار ابن جرير، وهو يشمل الذي قبله، ويشهد له قوله تعالىوَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَٰهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَـٰتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّى جَـٰعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } البقرة 124 فقام بجميع الأوامر، وترك جميع النواهي، وبلغ الرسالة على التمام والكمال، فاستحق بهذا أن يكون للناس إماماً يقتدى به في جميع أحواله وأقواله وأفعاله. قال الله تعالىثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } النحل 123 وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عوف الحمصي، حدثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { وَإِبْرَٰهِيمَ ٱلَّذِى وَفَّىٰ } قال " أتدري ما وفى؟ " قلت الله ورسوله أعلم. قال " وفى عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار " ورواه ابن جرير من حديث جعفر بن الزبير، وهو ضعيف. وقال الترمذي في جامعه حدثنا أبو جعفر السمناني، حدثنا أبو مسهر، حدثنا إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير ابن نفير، عن أبي الدرداء وأبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال " ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار، أكفك آخره "

السابقالتالي
2