الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلأُنْثَىٰ } * { وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً } * { فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } * { ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ }

يقول تعالى منكراً على المشركين في تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى، وجعلهم لها أنها بنات الله، تعالى الله عن ذلك كما قال تعالىوَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَـٰدَتُهُمْ وَيُسْـئَلُونَ } الزخرف 19 ولهذا قال تعالى { وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ } أي ليس لهم علم صحيح يُصَدِّق ما قالوه، بل هو كذب وزور، وافتراء وكفر شنيع. { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً } أي لا يجدي شيئاً، ولا يقوم أبداً مقام الحق، وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " وقوله تعالى { فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا } أي أعرض عن الذي أعرض عن الحق، واهجره. وقوله { وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } أي وإنما أكثر همه ومبلغ علمه الدنيا، فذاك هو غاية ما لا خير فيه، ولهذا قال تعالى { ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ } أي طلب الدنيا والسعي لها هو غاية ما وصلوا إليه. وقد روى الإمام أحمد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له " وفي الدعاء المأثور " اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا " وقوله تعالى { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } أي هو الخالق لجميع المخلوقات، والعالم بمصالح عباده، وهو الذي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، وذلك كله عن قدرته وعلمه وحكمته، وهو العادل الذي لا يجور أبداً، لا في شرعه، ولا في قدره.