الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ } * { وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } * { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ } * { تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } * { أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ } * { فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ } * { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ }

يقول تعالى مقرعاً للمشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد والأوثان، واتخاذهم البيوت لها مضاهاة للكعبة التي بناها خليل الرحمن عليه السلام { أَفَرَءَيْتُمُ ٱللَّـٰتَ } وكانت اللات صخرة بيضاء منقوشة، وعليها بيت بالطائف، له أستار وسدنة، وحوله فناء معظم عند أهل الطائف، وهم ثقيف ومن تابعها، يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب بعد قريش، قال ابن جرير وكانوا قد اشتقوا اسمها من اسم الله، فقالوا اللات، يعنون مؤنثة منه، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً، وحكي عن ابن عباس ومجاهد والربيع بن أنس أنهم قرأوا اللات، بتشديد التاء، وفسروه بأنه كان رجلاً يلت للحجيج في الجاهلية السويق، فلما مات، عكفوا على قبره، فعبدوه. وقال البخاري حدثنا مسلم، هو ابن إبراهيم، حدثنا أبو الأشهب، حدثنا أبو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { ٱللَّـٰتَ وَٱلْعُزَّىٰ } قال كان اللات رجلاً يلت السويق سويق الحاج. قال ابن جرير وكذا العزى من العزيز، وكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، وهي بين مكة والطائف، وكانت قريش يعظمونها كما قال أبو سفيان يوم أحد لنا العزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قولوا الله مولانا ولا مولى لكم " وروى البخاري من حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من حلف فقال في حلفه واللات والعزى، فليقل لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه تعالَ أقامرك، فليتصدق " فهذا محمول على من سبق لسانه في ذلك كما كانت ألسنتهم قد اعتادته في زمن الجاهلية، كما قال النسائي أخبرنا أحمد بن بكار، وعبد الحميد بن محمد قالا حدثنا مخلد، حدثنا يونس عن أبيه، حدثني مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال حلفت باللات والعزى، فقال لي أصحابي بئس ما قلت! قلت هجراً!. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال " قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وانفث عن شمالك ثلاثاً، وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم لا تعد " وأما مناة، فكانت بالمشلل عند قديد بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتها يعظمونها، ويهلون منها للحج إلى الكعبة. وروى البخاري عن عائشة نحوه، وقد كان بجزيرة العرب وغيرها طواغيت أخر تعظمها العرب كتعظيم الكعبة، غير هذه الثلاثة التي نص عليها في كتابه العزيز، وإنما أفرد هذه بالذكر لأنها أشهر من غيرها. قال ابن إسحاق في السيرة وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة وحجاب، وتهدي لها كما يهدى للكعبة، وتطوف بها كطوافها بها، وتنحر عندها، وهي تعرف فضل الكعبة عليها لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم عليه السلام.

السابقالتالي
2 3