الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ } * { فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ } * { يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } * { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ ٱلنُّجُومِ }

يقول تعالى مخبراً عن المشركين بالعناد والمكابرة للمحسوس { وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَـٰقِطاً } أي عليهم، يعذبون به، لما صدقوا، ولما أيقنوا، بل يقولون هذا سحاب مركوم أي متراكم، وهذا كقوله تعالىوَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَـٰرُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ } الحجر 14 ــــ 15. وقال الله تعالى { فَذَرْهُمْ } أي دعهم يا محمد { حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِى فِيهِ يُصْعَقُونَ } وذلك يوم القيامة { يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً } أي لا ينفعهم كيدهم ولا مكرهم الذي استعملوه في الدنيا، لا يجزي عنهم يوم القيامة شيئاً { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }. ثم قال تعالى { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ } أي قبل ذلك في الدار الدنيا كقوله تعالىوَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } السجدة 21 ولهذا قال تعالى { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أي نعذبهم في الدنيا، ونبتليهم فيها بالمصائب لعلهم يرجعون وينيبون، فلا يفهمون ما يراد بهم، بل إذا جلى عنهم مما كانوا فيه، عادوا إلى أسوأ ما كانوا عليه كما جاء في بعض الأحاديث " إن المنافق إذا مرض وعوفي، مثله في ذلك كمثل البعير، لا يدري فيما عقلوه، ولا فيما أرسلوه " وفي الأثر الإلهي كم أعصيك ولا تعاقبني؟ قال الله تعالى يا عبدي كم أعاقبك وأنت لا تدري؟ وقوله تعالى { وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا } أي اصبر على أذاهم، ولا تبالهم فإنك بمرأى منا وتحت كلاءتنا، والله يعصمك من الناس. وقوله تعالى { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } قال الضحاك أي إلى الصلاة. سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. وقد روي مثله عن الربيع ابن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهما، وروى مسلم في صحيحه عن عمر أنه كان يقول هذا في ابتداء الصلاة، ورواه أحمد وأهل السنن عن أبي سعيد وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك. وقال أبو الجوزاء { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } أي من نومك من فراشك، واختاره ابن جرير، ويتأيد هذا القول بما رواه الإمام أحمد حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، حدثني عمير بن هانىء، حدثني جنادة بن أبي أمية، حدثنا عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من تعارّ من الليل، فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال رب اغفر لي ــــ أو قال ثم دعا ــــ استجيب له، فإن عزم فتوضأ، ثم صلى، قبلت صلاته "

السابقالتالي
2 3