الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَٰهُمْ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ } * { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ }

يخبر تعالى عن اليهود - عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة - بأنهم وصفوا الله عز وجل وتعالى عن قولهم علواً كبيراً بأنه بخيل، كما وصفوه بأنه فقير وهم أغنياء، وعبروا عن البخل بأن قالوا { يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ }. قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبد الله الطهراني، حدثنا حفص بن عمر العدني، حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة قال قال ابن عباس { مَغْلُولَةٌ } أي بخيلة، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ } قال لا يعنون بذلك أن يد الله موثقة، ولكن يقولون بخيل، يعني أمسك ما عنده، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً، وكذا روي عن مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي والضحاك، وقرأ { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُوراً } يعني أنه ينهى عن البخل وعن التبذير، وهو زيادة الإنفاق في غير محله، وعبر عن البخل بقولهوَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ } الإسراء 29 وهذا هو الذي أراد هؤلاء اليهود عليهم لعائن الله، وقد قال عكرمة إنها نزلت في فنحاص اليهودي، عليه لعنة الله، وقد تقدم أنه الذي قالإِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ } آل عمران 181 فضربه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وقال محمد بن إسحاق حدثنا محمد بن أبي محمد عن سعيد أو عكرمة، عن ابن عباس قال قال رجل من اليهود يقال له شاس بن قيس إن ربك بخيل لا ينفق، فأنزل الله { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ } وقد ردّ الله عز وجل عليهم ما قالوه، وقابلهم فيما اختلقوه وافتروه وائتفكوه، فقال { غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ } وهكذا وقع لهم، فإن ما عندهم من البخل والحسد والجبن والذلة أمر عظيم، كما قال تعالى { أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ ٱلْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيراً }أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } النساء53-54 الآية، وقال تعالىضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ } آل عمران 112 الآية. ثم قال تعالى { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ } أي بل هو الواسع الفضل، الجزيل العطاء، الذي ما من شيء إلا عنده خزائنه، وهو الذي ما بخلقه من نعمة، فمنه وحده لا شريك له، الذي خلق لنا كل شيء مما نحتاج إليه، في ليلنا ونهارنا، وحضرنا وسفرنا، وفي جميع أحوالنا، كما قالوَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } إبراهيم 34 والآيات في هذا كثيرة، وقد قال الإمام أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9