الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاۤئِمٍ ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } * { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } * { وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ }

وثبت في الصحيح " ما ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه " قالوا وكيف يذل نفسه يا رسول الله؟ قال " يتحمل من البلاء ما لا يطيق " { ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ } أي من اتصف بهذه الصفات، فإنما هو من فضل الله عليه وتوفيقه له، { وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ } أي واسع الفضل، عليم بمن يستحق ذلك ممن يحرمه إياه. وقوله تعالى { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } أي ليس اليهود بأوليائكم، بل ولايتكم راجعة إلى الله ورسوله والمؤمنين. وقوله { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ } أي المؤمنون المتصفون بهذه الصفات من إقام الصلاة التي هي أكبر أركان الإسلام،وهي عبادة الله وحده لا شريك له، وإيتاء الزكاة التي هي حق المخلوقين ومساعدة للمحتاجين والمساكين. وأما قوله { وَهُمْ رَاكِعُونَ } فقد توهم بعض الناس أن هذه الجملة في موضع الحال من قوله { وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ } أي في حال ركوعهم، ولو كان هذا كذلك، لكان دفع الزكاة في حال الركوع أفضل من غيره لأنه ممدوح، وليس الأمر كذلك عند أحد من العلماء ممن نعلمه من أئمة الفتوى، وحتى إن بعضهم ذكر في هذا أثراً عن علي بن أبي طالب أن هذه الآية نزلت فيه، وذلك أنه مر به سائل في حال ركوعه فأعطاه خاتمه. وقال ابن أبي حاتم حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، حدثنا أيوب بن سويد عن عتبة بن أبي حكيم في قوله { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } قال هم المؤمنون، وعلي بن أبي طالب. وحدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا الفضل بن دكين أبو نعيم الأحول، حدثنا موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل، قال تصدق علي بخاتمه وهو راكع، فنزلت { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } ، وقال ابن جرير حدثني الحارث، حدثنا عبد العزيز، حدثنا غالب بن عبيد الله، سمعت مجاهداً يقول في قوله { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } الآية. نزلت في علي بن أبي طالب، تصدق وهو راكع، وقال عبد الرزاق حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } الآية، نزلت في علي بن أبي طالب، عبد الوهاب بن مجاهد لا يحتج به. وروى ابن مردويه من طريق سفيان الثوري، عن أبي سنان، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال كان علي بن أبي طالب قائماً يصلي، فمر سائل وهو راكع، فأعطاه خاتمه، فنزلت { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } الآية، الضحاك لم يلق ابن عباس. وروى ابن مردويه أيضاً من طريق محمد بن السائب الكلبي، وهو متروك، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، والناس يصلون بين راكع وساجد وقائم وقاعد، وإذا مسكين يسأل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال

PreviousNext
1 2 4