الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ وَٱلْمُنْخَنِقَةُ وَٱلْمَوْقُوذَةُ وَٱلْمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِٱلأَزْلاَمِ ذٰلِكُمْ فِسْقٌ ٱلْيَوْمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

يخبر تعالى عباده خبراً متضمناً النهي عن تعاطي هذه المحرمات من الميتة، وهي ما مات من الحيوان حتف أنفه من غير ذكاة ولا اصطياد، وما ذاك إلا لما فيها من المضرة، لما فيها من الدم المحتقن، فهي ضارة للدين وللبدن، فلهذا حرمها الله عز وجل، ويستثنى من الميتة السمك، فإنه حلال، سواء مات بتذكية، أو غيرها لما رواه مالك في موطئه، والشافعي وأحمد في مسنديهما، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه في سننهم، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سئل عن ماء البحر، فقال " هو الطهور ماؤه، الحل ميتته " ، وهكذا الجراد لما سيأتي من الحديث. وقوله { وَٱلدَّمَ } يعني به المسفوح كقولهأَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا } الأنعام 145 قاله ابن عباس وسعيد بن جبير، قال ابن أبي حاتم حدثنا كثير بن شهاب المذحجي، حدثنا محمد بن سعيد بن سابق، حدثنا عمرو، يعني ابن قيس، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه سئل عن الطحال، فقال كلوه، فقالوا إنه دم، فقال إنما حرم عليكم الدم المسفوح، وكذا رواه حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد، عن القاسم عن عائشة، قالت إنما نهى عن الدم السافح، وقد قال أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، عن ابن عمر مرفوعاً، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أحل لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان، فالسمك والجراد، وأما الدمان، فالكبد والطحال " ، وكذا رواه أحمد بن حنبل وابن ماجه والدارقطني والبيهقي من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف، قال الحافظ البيهقي ورواه إسماعيل بن أبي إدريس عن أسامة، وعبد الله وعبد الرحمن ابن زيد بن أسلم عن ابن عمر مرفوعاً، قلت وثلاثتهم كلهم ضعفاء، ولكن بعضهم أصلح من بعض، وقد رواه سليمان بن بلال أحد الأثبات عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، فوقفه بعضهم عليه، قال الحافظ أبو زرعة الرازي وهو أصح، وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسن، حدثنا محمد بن عبد الملك ابن أبي الشوارب، حدثنا بشير بن شريح عن أبي غالب، عن أبي أمامة، وهو صدي بن عجلان، قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلمإلى قومي أدعوهم إلى الله ورسوله، وأعرض عليهم شرائع الإسلام، فأتيتهم، فبينما نحن كذلك، إذ جاؤوا بقصعة من دم، فاجتمعوا عليها يأكلونها، فقالوا هلم يا صدي فكل، قال قلت ويحكم، إنما أتيتكم من عند من يحرم هذا عليكم، فأقبلوا عليه، قالوا وماذاك؟ فتلوت عليهم هذه الآية { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ } الآية، ورواه الحافظ أبو بكر بن مردويه من حديث ابن أبي الشوارب بإسناده مثله، وزاد بعده هذا السياق قال فجعلت أدعوهم إلى الإسلام ويأبون عليّ، فقلت ويحكم اسقوني شربة من ماء، فإني شديد العطش، قال وعليّ عباءتي، فقالوا لا، ولكن ندعك حتى تموت عطشاً، قال فاغتممت، وضربت برأسي في العباء، ونمت على الرمضاء في حر شديد، قال فأتاني آت في منامي بقدح من زجاج لم ير الناس أحسن منه، وفيه شراب لم ير الناس ألذ منه، فأمكنني منه فشربته، فلما فرغت من شرابي، استيقظت، فلا والله ما عطشت، ولا عريت بعد تيك الشربة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد