الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }

يقول تعالى مخبراً للناس أنه خلقهم من نفس واحدة، وجعل منها زوجها، وهما آدم وحواء، وجعلهم شعوباً، وهي أعم من القبائل، وبعد القبائل مراتب أخر كالفصائل والعشائر والعمائر والأفخاذ وغير ذلك، وقيل المراد بالشعوب بطون العجم، وبالقبائل بطون العرب، كما أن الأسباط بطون بني إسرائيل، وقد لخصت هذه في مقدمة مفردة جمعتها من كتاب الإنباه لأبي عمر بن عبد البر، ومن كتاب القصد والأمم في معرفة أنساب العرب والعجم فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء عليهما السلام سواء، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية، وهي طاعة الله تعالى، ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم ولهذا قال تعالى بعد النهي عن الغيبة واحتقار بعض الناس بعضاً، منبهاً على تساويهم في البشرية { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـٰكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَـٰكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَـٰرَفُوۤاْ } أي ليحصل التعارف بينهم، كل يرجع إلى قبيلته، وقال مجاهد في قوله عز وجل { لِتَعَـٰرَفُوۤاْ } كما يقال فلان بن فلان من كذا وكذا، أي قبيلة كذا وكذا، وقال سفيان الثوري كانت حمير ينتسبون إلى مخاليفها، وكانت عرب الحجاز ينتسبون إلى قبائلها، وقد قال أبو عيسى الترمذي حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا عبد الله ابن المبارك عن عبد الملك بن عيسى الثقفي، عن يزيد مولى المنبعث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر " ثم قال غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقوله تعالى { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَـٰكُمْ } أي إنما تتفاضلون عند الله تعالى بالتقوى لا بالأحساب، وقد وردت الأحاديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال البخاري حدثنا محمد بن سلام، حدثنا عبدة عن عبيد الله عن سعيد بن أبي سعيد رضي الله عنه عن أبي هريرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أكرم؟ قال " أكرمهم عند الله أتقاهم " قالوا ليس عن هذا نسألك. قال " فأكرم الناس يوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله " قالوا ليس عن هذا نسألك. قال " فعن معادن العرب تسألوني " ؟ قالوا نعم. قال " فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا " وقد رواه البخاري في غير موضع من طرق عن عبدة بن سليمان، ورواه النسائي في التفسير من حديث عبيد الله، وهو ابن عمر العمري به.حديث آخر قال مسلم رحمه الله حدثنا عمرو الناقد، حدثنا كثير بن هشام، حدثنا جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3