الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ ٱللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }

يقول تعالى مخبراً عن الأعراب الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية، إذ ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إلى خيبر يفتحونها أنهم يسألون أن يخرجوا معهم إلى المغنم، وقد تخلفوا عن وقت محاربة الأعداء ومجالدتهم ومصابرتهم، فأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن لا يأذن لهم في ذلك معاقبة لهم من جنس ذنبهم فإن الله تعالى قد وعد أهل الحديبية بمغانم خيبر وحدهم، لا يشاركهم فيها غيرهم من الأعراب المتخلفين، فلا يقع غير ذلك شرعاً ولا قدراً، ولهذا قال تعالى { يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلَـٰمَ ٱللَّهِ } قال مجاهد وقتادة وجويبر وهو الوعد الذي وعد به أهل الحديبية، واختاره ابن جرير، وقال ابن زيد وهو قوله تعالىفَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِىَ أَبَدًا وَلَن تُقَـٰتِلُواْ مَعِىَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْخَـٰلِفِينَ } التوبة 83 وهذا الذي قاله ابن زيد فيه نظر لأن هذه الآية التي في براءة نزلت في غزوة تبوك، وهي متأخرة عن عمرة الحديبية، وقال ابن جريج { يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلَـٰمَ ٱللَّهِ } يعني بتثبيطهم المسلمين عن الجهاد { قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ } أي وعد الله أهل الحديبية قبل سؤالكم الخروج معهم { فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا } أي أن نشرككم في المغانم { بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } أي ليس الأمر كما زعموا، ولكن لا فهم لهم.