الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ } * { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } * { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَٰهُمْ } * { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ }

يقول تعالى مخبراً عن المنافقين في بلادتهم وقلة فهمهم، حيث كانوا يجلسون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستمعون كلامه فلا يفهمون منه شيئاً، فإذا خرجوا من عنده { قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } من الصحابة رضي الله عنهم { مَاذَا قَالَ ءَانِفاً } أي الساعة، لا يعقلون ما قال، ولا يكترثون له. قال الله تعالى { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ } أي فلا فهم صحيح ولا قصد صحيح. ثم قال عز وجل { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى } أي والذين قصدوا الهداية، وفقهم الله تعالى لها، فهداهم إليها وثبتهم عليها وزادهم منها، { وَءَاتَـٰهُمْ تَقُوَاهُمْ } أي ألهمهم رشدهم. وقوله تعالى { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً } أي وهم غافلون عنها { فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا } أي أمارات اقترابها كقوله تبارك وتعالىهَـٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ } النجم 56 ــــ 57 وكقوله جلت عظمتهٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } الانشقاق 1 وقوله سبحانه وتعالىأَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } النحل 1 وقوله جل وعلاٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَـٰبُهُمْ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ } الأنبياء 1 فبعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة لأنه خاتم الرسل الذي أكمل الله تعالى به الدين وأقام به الحجة على العالمين. وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بأمارات الساعة وأشراطها، وأبان عن ذلك وأوضحه بما لم يؤته نبي قبله، كما هو مبسوط في موضعه. وقال الحسن البصري بعثة محمد صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة، وهو كما قال ولهذا جاء في أسمائه صلى الله عليه وسلم أنه نبي التوبة، ونبي الملحمة، والحاشر الذي يحشر الناس على قدميه، والعاقب الذي ليس بعده نبي. وقال البخاري حدثنا أحمد بن المقدام، حدثنا فضيل بن سليمان، حدثنا أبو حازم، حدثنا سهل بن سعد رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بأصبعيه هكذا بالوسطى والتي تليها " بعثت أنا والساعة كهاتين " ثم قال تعالى { فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ } أي فكيف للكافرين بالتذكر إذا جاءتهم القيامة، حيث لا ينفعهم ذلك؟ كقوله تعالىيَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَـٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } الفجر 23.وَقَالُوۤاْ ءَامَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ } سبأ 52. وقوله عز وجل { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلا ٱللَّهُ } هذا إخبار بأنه لا إله إلا الله، ولا يتأتى كونه آمراً بعلم ذلك، ولهذا عطف عليه قوله عز وجل { وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ } وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول " اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي "

السابقالتالي
2