الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ } * { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ }

يقول تعالى { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ } أي على بصيرة ويقين من أمر الله ودينه بما أنزل في كتابه من الهدى والعلم، وبما جبله الله عليه من الفطرة المستقيمة { كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ } أي ليس هذا كهذا، كقوله تعالىأَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ } الرعد 19 وكقوله تعالىلاَ يَسْتَوِيۤ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ وَأَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ } الحشر 20 ثم قال عز وجل { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } قال عكرمة { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ } أي نعتها { فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ } قال ابن عباس رضي الله عنهما والحسن وقتادة يعني غير متغير. وقال قتادة والضحاك وعطاء الخراساني غير منتن، والعرب تقول أسن الماء إذا تغير ريحه، وفي حديث مرفوع أورده ابن أبي حاتم " { غَيْرِ آسِنٍ } يعني الصافي الذي لا كدر فيه " وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا وكيع عن الأعمش عن عبد الله بن مرة، عن مسروق قال قال عبد الله رضي الله عنه أنهار الجنة تفجر من جبل من مسك { وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ } أي بل في غاية البياض والحلاوة والدسومة، وفي حديث مرفوع " لم يخرج من ضروع الماشية " { وَأَنْهَـٰرٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّـٰرِبِينَ } أي ليست كريهة الطعم والرائحة كخمر الدنيا بل حسنة المنظر والطعم والرائحة والفعللاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } الصافات 47لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ } الواقعة 19بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّـٰرِبِينَ } الصافات 46 وفي حديث مرفوع " لم يعصرها الرجال بأقدامهم " { وَأَنْهَـٰرٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى } أي وهو في غاية الصفاء وحسن اللون والطعم والريح. وفي حديث مرفوع " لم يخرج من بطون النحل " وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الجريري عن حكيم بن معاوية عن أبيه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " في الجنة بحر اللبن وبحر الماء وبحر العسل وبحر الخمر، ثم تشقق الأنهار منها بعد " ورواه الترمذي في صفة الجنة عن محمد بن بشار عن يزيد بن هارون، عن سعيد بن أبي إياس الجريري وقال حسن صحيح. وقال أبو بكر بن مردويه حدثنا أحمد بن محمد بن عاصم، حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة الأيادي، حدثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هذه الأنهار تشخب من جنة عدن في جوبة ثم تصدع بعد أنهاراً "

السابقالتالي
2