الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِٱلأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } * { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ }

يقول تعالى مسلياً لنبيه صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه { وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ } وهو هود عليه الصلاة والسلام، بعثه الله عز وجل إلى عاد الأولى، وكانوا يسكنون الأحقاف، جمع حقف، وهو الجبل من الرمل، قاله ابن زيد، وقال عكرمة الأحقاف الجبل والغار، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه الأحقاف واد بحضرموت يدعى برهوت، تلقى فيه أرواح الكفار، وقال قتادة ذكر لنا أن عاداً كانوا حياً باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشحر، قال ابن ماجه باب إذا دعا فليبدأ بنفسه حدثنا الحسين بن علي الخلال، حدثنا أبي، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يرحمنا الله وأخا عاد " وقوله تعالى { وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } يعني وقد أرسل الله تعالى إلى من حول بلادهم في القرى مرسلين ومنذرين كقوله عز وجلفَجَعَلْنَـٰهَا نَكَـٰلاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا } البقرة 66 وكقوله جل وعلافَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَـٰعِقَةً مِّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } فصلت13-14 { إِنِّىۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } أي قال لهم هود ذلك، فأجابه قومه قائلين { أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ ءَالِهَتِنَا } أي لتصدنا عن آلهتنا، { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } استعجلوا عذاب الله وعقوبته استبعاداً منهم وقوعه كقوله جلت عظمتهيَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا } الشورى 18 { قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ } أي الله أعلم بكم، إن كنتم مستحقين لتعجيل العذاب، فسيفعل ذلك بكم وأما أنا فمن شأني أني أبلغكم ما أرسلت به { وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ } أي لا تعقلون ولا تفهمون. قال الله تعالى { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } أي لما رأوا العذاب مستقبلهم، اعتقدوا أنه عارض ممطر، ففرحوا واستبشروا به، وقد كانوا ممحلين محتاجين إلى المطر. قال الله تعالى { بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي هو العذاب الذي قلتم فأْتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين { تُدَمِّرُ } أي تخرب { كُلِّ شَيْءٍ } من بلادهم مما من شأنه الخراب { بِأَمْرِ رَبِّهَا } أي بإذن الله لها في ذلك كقوله سبحانه وتعالىمَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ } الذاريات 42 أي كالشيء البالي، ولهذا قال عز وجل { فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَـٰكِنُهُمْ } أي قد بادوا كلهم عن آخرهم، ولم تبق لهم باقية { كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } أي هذا حكمنا فيمن كذب رسلنا وخالف أمرنا.

السابقالتالي
2 3