الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } * { وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ }

لما ذكر تعالى حال الداعين للوالدين البارين بهما، ومالهم عنده من الفوز، والنجاة، عطف بحال الأشقياء العاقين للوالدين فقال { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَٰلِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ } وهذا عام في كل من قال هذا، ومن زعم أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما، فقوله ضعيف، لأن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أسلم بعد ذلك، وحسن إسلامه، وكان من خيار أهل زمانه، وروى العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها نزلت في ابن لأبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وفي صحة هذا نظر، والله تعالى أعلم. وقال ابن جريج عن مجاهد نزلت في عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما، قاله ابن جريج، وقال آخرون عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما، وهذا أيضاً قول السدي، وإنما هذا عام في كل من عق والديه، وكذب بالحق، فقال لوالديه أُفٍّ لَّكُمَآ عقهما. وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين، حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن إسماعيل بن أبي خالد، أخبرني عبد الله بن المديني، قال إني لفي المسجد حين خطب مروان فقال إن الله تعالى قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأياً حسناً، وإن يستخلفه، فقد استخلف أبو بكر عمر رضي الله عنهما، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أهرقلية؟ إن أبا بكر رضي الله عنه والله ما جعلها في أحد من ولده، ولا أحد من أهل بيته، ولا جعلها معاوية في ولده إلا رحمة وكرامة لولده، فقال مروان ألست الذي قال لوالديه أف لكما؟ فقال عبد الرحمن رضي الله عنه ألست ابن اللعين الذين لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباك؟ قال وسمعتهما عائشة رضي الله عنها، فقالت يامروان أنت القائل لعبد الرحمن رضي الله عنه كذا وكذا؟ كذبت، ما فيه نزلت، ولكن نزلت في فلان بن فلان، ثم انتحب مروان، ثم نزل عن المنبر، حتى أتى باب حجرتها، فجعل يكلمها حتى انصرف، وقد رواه البخاري بإسناد آخر ولفظ آخر فقال حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك قال كان مروان على الحجاز، استعمله معاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنهما، فخطب وجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما شيئاً، فقال خذوه، فدخل بيت عائشة رضي الله عنها، فلم يقدروا عليه، فقال مروان إن هذا الذي أنزل فيه { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَٰلِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي } فقالت عائشة رضي الله عنها من وراء الحجاب ما أنزل الله عز وجل فينا شيئاً من القرآن، إلا أن الله تعالى أنزل عذري.

السابقالتالي
2