الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } * { يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ } * { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ } * { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ }

يقول تعالى هل ينتظر هؤلاء المشركون المكذبون للرسل { إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أي فإنها كائنة لا محالة، وواقعة، وهؤلاء غافلون عنها، غير مستعدين، فإذا جاءت، إنما تجيء وهم لا يشعرون بها، فحينئذ يندمون كل الندم حيث لا ينفعهم، ولا يدفع عنهم، وقوله تعالى { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } أي كل صداقة وصحابة لغير الله، فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة، إلا ما كان لله عز وجل فإنه دائم بدوامه، وهذا كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومهإِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَـٰناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّـٰصِرِينَ } العنكبوت 25. وقال عبد الرزاق أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه { ٱلاَْخِلاَءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } قال خليلان مؤمنان، وخليلان كافران، فتوفي أحد المؤمنين، وبشر بالجنة، فذكر خليله، فقال اللهم إن فلاناً خليلي، كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالخير، وينهاني عن الشر، وينبئني أني ملاقيك، اللهم فلا تضله بعدي حتى تريه مثلما أريتني، وترضى عنه كما رضيت عني، فيقال له اذهب فلو تعلم ماله عندي، لضحكت كثيراً، وبكيت قليلاً. قال ثم يموت الآخر، فتجتمع أرواحهما، فيقال ليثنِ أحدكما على صاحبه، فيقول كل واحد منهما لصاحبه نعم الأخ، ونعم الصاحب، ونعم الخليل. وإذا مات أحد الكافرين، وبشر بالنار، ذكر خليله فيقول اللهم إن خليلي فلاناً كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك، ويأمرني بالشر، وينهاني عن الخير، ويخبرني أني غير ملاقيك، اللهم فلا تهده بعدي حتى تريه مثل ما أريتني، وتسخط عليه كما سخطت علي. قال فيموت الكافر الآخر، فيجمع بين أرواحهما، فيقال ليثنِ كل واحد منكما على صاحبه، فيقول كل واحد منهما لصاحبه بئس الأخ، وبئس الصاحب، وبئس الخليل! رواه ابن أبي حاتم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة صارت كل خلة عداوة يوم القيامة، إلا المتقين، وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة هشام بن أحمد عن هشام بن عبد الله بن كثير، حدثنا أبو جعفر محمد بن الخضر بالرقة عن معافى، حدثنا حكيم بن نافع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو أن رجلين تحابا في الله، أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب، لجمع الله تعالى بينهما يوم القيامة، يقول هذا الذي أحببته فيَّ " وقوله تبارك وتعالى { يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } ثم بشرهم فقال { ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِـآيَـٰتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ } أي آمنت قلوبهم وبواطنهم، وانقادت لشرع الله جوارحهم وظواهرهم، قال المعتمر بن سليمان عن أبيه إذا كان يوم القيامة، فإن الناس حين يبعثون لا يبقى أحد منهم إلا فزع، فينادي مناد { يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } فيرجوها الناس كلهم، قال فيتبعها { ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِآيَـٰتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ } قال فييأس الناس منها غير المؤمنين.

السابقالتالي
2 3